بات الذكاء الاصطناعي أمراً مهماً في جميع تخصصات التعليم، وليس فقط المجالات التقنية بعينها مثل الهندسة والميكانيكا والاتصالات وغيرها من العلوم، بل تمتد التقنيات الحديثة لخدمة برامج وتطبيقات تساهم في تحسين اللغة العربية سواء للعرب أنفسهم أو الطلاب الأجانب، وفي هذا الصدد طور فريق في جامعة نيويورك - أبوظبي، مؤخراً، معجماً عربياً متدرج مستويات القراءة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتم جمع 10 ملايين مفرد عربي من الصحافة المحلية والأدب العربي.
فكرة المعجم
وأوضح الدكتور نزار حبش أستاذ علوم الحاسب في الجامعة، واحد القائمين على المشروع لـ«البيان» أن الذكاء الاصطناعي له دور كبير في تطوير المعجم العربي «سامر» المتدرج قرائياً، وبالتعاون مع أستاذ علوم اللغة العربية محمد الخليل، وقد تضافرت الجهود لميلاد هذا المعجم والذي يتوقع له مساعدة الملايين حول العالم والراغبين في تعلم اللغة العربية، كما يساعد المعجم الطلاب العرب لمن ضعفت لغتهم بسبب طبيعة دراستهم الأجنبية.
وأضاف: تم جمع 10 ملايين مفرد عربي من الصحافة المحلية والأدب العربي، وهي تعتبر «فصحى العصر» وقد تم تحليل هذا العدد الضخم من الكلمات بشكل أوتوماتيكي من خلال التحليل والتشكيل للنص، والمسح المعجمي، للأفعال، بالإضافة إلى 26 ألف مدخل معجمي.
وأشار إلى خضوع أشخاص في السعودية وسوريا ومصر للمفردات والتي تضمنت أيضاً كلمات باللهجة العامية، بجانب اللغة العربية المأخوذة من فصحى العصر، والأدب العربي الحديث، والمحتوى اللغوي المنشور في الصحافة، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي قد ساهم في الربط بين لغة فصحى العصر والعامية، وربطه ببعض اللهجات العربية، مؤكداً أن مشروع المعجم «سامر» هو تبسيط للقراءة ومفيد للعرب انفسهم، والأجانب الذين تعلموا اللغة العربية، وأن محرك البحث مدعوم باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى فائدته للمراحل الدراسية المختلفة.
أدوار مهمة
وعن دور الذكاء الاصطناعي في مراحل التعليم المختلفة والرؤية المستقبلية بالنسبة للجامعات وما المطلوب من المؤسسات التعليمية من توفير الأدوات وتهيئة البيئة، أكد الدكتور حبش أنه يتوقع تطور التطبيقات ومساهمة أكثر للذكاء الاصطناعي مستقبلاً من خلال برامج تمنح خيارات وحلول لتصحيح الأخطاء من الناحية الإملائية والنحوية واقتراح مفردات ذات معنى أدق أو إضافة تشكيل للمفرد نفسه، لافتاً إلى أن هذه المشاريع للأسف لا يعمل عليها الكثيرون، وأن البلدان العربية في حاجة إلى العمل عليها.
وأشار الدكتور حبش إلى أهمية التعاون والتنسيق بين ثلاث جهات من أجل تنفيذ هذه المشاريع وتشمل الجامعات، والشركات الخاصة، والدعم الحكومي، مؤكداً أن هناك مشكلة في علوم الحاسوب بالنسبة للعالم العربي والعالم بشكل عام، حيث يتجه الخريجون إلى العمل في الشركات الخاصة، على حساب العمل في الجامعات وتنمية حلقات البحث وتعليم الطلاب.
القطاع الخاص
وشدد الدكتور نزار حبش على أهمية القطاع الخاص، والمنوط بتصنيع وتنفيذ المشروعات، لافتاً إلى أن الكثير من الشركات الخاصة بدأت من مختبرات في الجامعات ثم تحولت إلى شركات كبيرة، معتبراً هذا الأمر جيداً، مع مراعاة أن قواعد اللعبة اختلفت حيث تحولت هذه الشركات إلى ربحية وتنتظر عائداً اقتصادياً مقابل جهودها وحقوق الملكية.
وأكد حبش أن المشكلة في عالمنا العربي هي ضعف الربط بين الجامعات والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، ما أدى إلى ضعف نسبي للبحث والدراسات في الجامعات التي تساعد الشركات الخاصة على العمل والمنافسة، وما يزيد من تعقيد القضية أن بعض الجهات الحكومية في البلدان العربية تتجه إلى التعاقد مع شركات خاصة أجنبية على حساب الشركات الوطنية ما يضعف الأخيرة.
وأشار إلى أن القواعد المتبعة خارجياً وخاصة في أمريكا قائمة على مبدأ الربحية وتقسيم حقوق الملكية، وبمعنى أن الجامعة التي أدارات حلقة من البحث وساهمت مع شركة خاصة في تنفيذ مشروع ما، لابد وأن تحصل على جزء من الربح المتوقع، لمواصلة الاستمرارية لدى مختبراتها البحثية، وأيضاً الاستمرار في تعليم طلابها، لافتاً إلى أن الإمارات لديها حس كبير وواعٍ تجاه المستقبل، وأن هذه الطريقة مفيدة لتشجيع القطاع الخاص.