بحماس واضح، يخصص المزارعون في مرتفعات حراز، قرب العاصمة اليمنية صنعاء، مزيدا من الأراضي لزراعة البن للمساعدة في المحافظة عليه كمنتج تصدير له قيمة مادية مرتفعة.

ويقتلع المزارعون في حراز أشجار القات، وهي مادة مخدرة معتدلة يتم استهلاكها محليا على نطاق واسع بهدف تحقيق الاسترخاء في اليمن، لزراعة البن مكانها. وتقع حراز على بعد نحو 90 كيلومترا جنوب غربي صنعاء مع قرى جبلية محصنة تتشبث بقمم صخرية لا يمكن الوصول لها تقريبا على ارتفاع ثلاثة آلاف متر فوق مستوى سطح البحر.

ويقول المزارع أصيل الوهاب، من ذات منطقة وادي مسار بيت القانص، "‏نقلع شجرة القات ونغرس البن لأن البن أصبح تجارته أحسن وأفضل وتنمت (نمت) في هذه السنوات القليلة (الماضية). ورجعنا إلى الأصل، أصل أجدادنا الأولين، نقلع شجرة القات التي تضيع الوقت وتضيع المال. وهذه المنطقة من أحسن مناطق البن".

وقال فهد الشهاري، أحد منتجي القهوة اليمنية، "دائما نبحث عن أعلى تقييمات وأفضل أنواع البن، فهذه تعتبر المنطقة هذه في غربي حراز، مسار (وادي) من أفضل المناطق التي ننتج منها القهوة ودائما تعطينا تقييمات عالية وكانت أكثر العينات الفائزة في 2022 في المزاد الوطني، كانت من هذه المنطقة".

ورغم معاناتهم من نقص الماء يُقبل المزارعون على العودة لزراعة أشجار البن، من هؤلاء محمد الخولاني، مزارع بُن في مسار بيت القانص، الذي قال لتلفزيون رويترز "‏إحنا الآن في منطقة مسار بيت القانص، ‏في رأس الوادي، ونعاني من قلة الماء للبن. ‏وسبب تأخير البن هذا إلي الوقت هذا، الماء، وإلا شوف سفل (أسفل) الوادي الآن قد كملوا قبل شهرين، ونحن نعاني من الماء حتى شوف لما يدخل وقت البرد الآن يضرب (يتلف) أكثر البن".

وكانت زراعة القات قد زادت خلال السنوات القليلة الماضية ويقدر أنها تستهلك ثلث موارد المياه الجوفية ومعظم الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن.

ومع أن العديد من المزارعين يقتلعون أشجار القات العطشى ويستبدلونها بالبن فإن القات والبن يتزاحمان في المدرجات المحيطة بالقرى الجبلية العالية في حراز.

وتاريخيا، كان البن واحدا من أكثر السلع ذات القيمة النقدية المرتفعة في اليمن، لكن مع سنوات الحرب والحصار، تراجعت تجارة البن وتصديره في أنحاء البلاد.

وبحسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي فإن اليمن ينتج حاليا كمية قليلة نسبيا من البن كل عام تُقدر بنحو 20 ألف طن مقارنة مع إنتاج إثيوبيا الذي يبلغ 400 ألف طن سنويا.

وأوضح التقرير أنه على الرغم من زيادة عائدات تصدير البن اليمني من 8.5 ملايين دولار في 2016 إلى 17 مليون دولار في 2019 فإنها لا تزال منخفضة.

وينتج اليمن العديد من أنواع البن مثل الإسماعيلي والحرازي والحيمي والخولاني والعديني، وهي من بين أكثر من 40 نوعا من البن المنتج في البلاد.

ويقول أمين العزب، الباحث في مجال الموارد الوراثية للبن بالمركز الوطني للأبحاث الزراعية "‏في الحقيقة أن اليمن يمتلك أكثر تنوع وراثي (للبن) موجود في العالم. نحن في اليمن، أستطيع أن أقول لك ... نحن الآن نسجل 44 تركيبا وراثيا أو سلالة أو صنفا، 44 الآن نحن نسجلها، لكن هل هي كل ما في اليمن؟ لا. اليمن غني جدا ما زلنا فيه مناطق كثيرة جدا لم نصل إليها".