أكدت تونس تمسكها بموقفها الرافض لتوطين المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول أفريقيا ما وراء الصحراء، على أراضيها، وجددت رفضها للتقارير الإعلامية التي تتهمها بدفع مئات المهاجرين إلى مصير مجهول في المناطق الصحراوية على الحدود المشتركة مع ليبيا.
واعتبر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، أن المهاجرين غير النظاميين، يتلقون معاملة إنسانية على عكس ما يروج، وقال خلال لقاء مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني: إن «تونس تعاملهم معاملة إنسانية لا يلقاها هؤلاء المهاجرون في عديد الدول الأخرى في ظل الصمت المريب لعديد المنظمات الدولية والجمعيات التي تدعي في الظاهر حمايتهم، ولكن لا تتجاوز هذه الحماية المزعومة البيانات الكاذبة التي لا علاقة لها بالواقع إطلاقاً»، وفق تقديره.
فيما رجحت أوساط تونسية أن تكون أول مهمة ينكب عليها رئيس الحكومة الجديد، هي التوصل إلى اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوروبي حول ملف الهجرة غير الشرعية، وعرضه على البرلمان للتصديق عليه، في ضوء مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم توقيعها يوم 16 يوليو الماضي.
وقالت الأوساط لـ«البيان»: إن تونس متمسكة برفضها توطين المهاجرين غير النظاميين على أراضيها، ومستعدة في الوقت نفسه للمساعدة على تأمين الممرات البحرية مع الضفة الشمالية للمتوسط بما يحول دون تدفق قوارب الموت نحو السواحل الأوروبية.
وأبرز المحلل السياسي، عمر الحاج علي، أن تونس تتجه نحو فرض خياراتها الرافضة لتوطين المهاجرين غير النظاميين على أراضيها، وهو ما أدركه الأوروبيون، ويعيه المهاجرون الموجودون داخل البلاد، كما أن كل محاولات الضغط عليها ذهبت أدراج الرياح بعد إعلان سعيّد تمسكه بمواقفه السابقة، وتأكيده ألا تراجع عنها مهما كانت الضغوط الأجنبية.
وأوضح أن رئيس الحكومة التونسي، أحمد الحشاني، سوف يتولى إدارة ملف الهجرة غير النظامية بالتنسيق مع سعيّد، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوروبي ستحصل تونس بموجبه على مساعدات مهمة تدعم جهودها لمنع تحول أراضيها لممر أو مقر لجحافل المهاجرين الأفارقة غير النظاميين القادمين من دول جنوب الصحراء.
بدورهم، اعتبر مسؤولون تونسيون أن بلادهم مستهدفة من قبل بعض الجهات التي تحاول استعمال ملف المهاجرين غير النظاميين في الضغط عليها خدمة لأهداف سياسية، واستراتيجية، تنفيذاً لتدخلات خارجية ترفضها تونس بكل شدة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، رفضت تونس الاتهامات الموجهة إليها بطرد مهاجرين غير نظاميين، وتسجيل ممارسات عنصرية ضدهم، وطالبت بـ«تجنب المغالطات وتغذية الشائعات واستغلال وضعية هؤلاء المهاجرين، ضحايا شبكات الجريمة المنظمة، والاتجار بالبشر، لغايات معلومة، والعمل على حشد الجهود الدولية للتصدي لهذه التنظيمات الإجرامية».
وفي بيان صادر عن وزارة خارجيتها، شددت تونس على أنها لن تكون دولة عبور ولا توطين للمهاجرين غير النظاميين، مع التزامها باحترام جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية المنظمة للهجرة وقواعد القانون الدولي الإنساني، وقالت: إنها ملتزمة بمواصلة اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية حدودها ومنع أي محاولات لعبورها بصفة غير قانونية، داعية المنظمات الأممية للاضطلاع بدورها في عمليات الإغاثة وتأمين الاحتياجات الأساسية في ظل تدفق غير مسبوق للمهاجرين.