من المواضيع أو المقالات التي يعجز القلم والكاتب أن يبحر به، وذلك أن الصفحات لا تحتمل الاستمرار، حيث إن الدموع تزيل الحبر، ويبقى ذلك الإنسان «زايد الخير» مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في عقل وذهن ووجدان كل من عاش في الإمارات على مدى العديد من السنوات.

أتاح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فرص التعليم والعمل، وجعل الإمارات نموذجاً للوحدة أمام العالم العربي والعالم أجمع، في وقت فشلت العديد من التجارب الوحدوية، وكم من حاقدٍ راهن على عدم استمرار هذه الوحدة، إلا لبضع سنوات، وها نحن نحتفل بمرور ما يقارب من نصف قرن، وقد ازداد الإيمان بالدولة وبالاتحاد وقيادته في المجالات كافة.

كانت رؤية الشيوخ ومنهم، المغفور لهما بإذن الله،الشيخ زايد والشيخ راشد، تدرك أن الوحدة هي الحياة، وإن الإنسان هو عجلة التقدم والتطور والتنمية، ولا بد من توفير الإمكانيات والوسائل لمسيرة التعليم و التحصيل العلمي.

وازداد عدد المتعلمين سواءً من الإناث أو الذكور، وحمل أبناء زايد المسؤولية بكل تواضع وتقدير لكل من يقيم. فعلى أرض الإمارات التي كانت ولاتزال تفتح ذراعيها للجميع، ولكل إنسان يحترم القانون والعادات والتقاليد، ويدرك أن الدين الإسلامي هو دين التسامح من أجل إسعاد الإنسان وحفظ كرامته. عندما رحل زايد، لم يكن معظم الناس مصدقين أنه قد رحل عن هذه الدنيا، لقد رحل الجسد، لكن أفعال الخير والإنجازات والأعمال ستبقى، بل هي كشروق الشمس في كل يوم، وبروز القمر ليضيء الطريق ليلاً.

كانت جولاته الشهيرة، رحمه الله، في كل بقعة من بقاع الإمارات ليتأكد أن الحياة الكريمة متوفرة للجميع، ولم يصدق ذات مرة أن هنالك مواطنين يقطنون منازل بالإيجار، فأمر على الفور ببناء البيوت للمواطنين في كل بقعة من بقاع الوطن، وتابع ذلك شخصياً.

كان التعليم الجامعي حلماً أشبه بالسراب في الصحراء، لكن الحلم تحقق بإنشاء جامعة الإمارات العربية المتحدة في مدينة العين ذات النخل المرتفع نحو السماء، ولولا هذا الصرح الكبير لما نالت بنت الإمارات التعليم الجامعي.

أذكر أن إحدى الطالبات قالت ذات يوم، لو أن أولياء الأمور يعرفون أن هنالك أساتذة من المواطنين يدرسونهم لما سمح لهن بالتعليم في الجامعة، لكن المفاهيم تغيرت، والفكر تطور، وأرسل المواطنون بناتهم للتعليم الجامعي بكل ترحيب واطمئنان.

وكان إرسال المواطنين لنيل شهادة الدكتوراه في العديد من الدول، والذي ساهم في ازدياد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة من الجنسين.

كان - رحمه الله - يسأل عن الجميع بابتسامة، وكان يؤكد بأنه والد الجميع، ولا عجب أن أبناءه درسوا في جامعة الإمارات، تأكيداً أن الجامعة هي التي تخرج أولئك الذين يشرفون ويساهمون في تقدم وتطور وتقدم الدولة في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها. ومن هؤلاء الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الذي ساهم بقسط كبير في دعم الجامعة، وأنشأ مراكز أبحاث في كافة المجالات ومنها مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها، ووفر لها الميزانيات المالية حتى تعمل بشكل تام.

سيظل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في قلوب وعقول جميع الأجيال، كمؤسس وأب لهذا الوطن الذي يفد إليه البشر من كل أنحاء العالم ليشاهدوا إنجازاته العملاقة.