تتعدد الصور الجميلة، حين نتذكر شخصية مبدعة في عطائها الإداري، تحمل خصال الرعيل الأول، فهكذا كان الراحل خلفان الرومي إدارياً من طراز خاص، ووزيراً يجمع بين الحنكة والتواضع، وخلال مسيرته كان رجل دولة يحمل كل الخصال الصادقة، يركن إلى انتمائه وقيمه، وينافح عن قضايا الوطن، دأبه العمل الجاد.

في رحلة الدراسة كان الفقيد في مقدمة حملة الشهادات الأكاديمية الذين تلقوا تعليمهم ضمن أوائل البعثات التعليمية، فشد الرحال إلى العراق في 1965، سعياً لطلب العلم في وقت كان فيه نيل المعرفة والعلم يتطلب الصبر والإصرار والاغتراب عن الوطن، وتميز الراحل خلال هذه الفترة بالعزيمة وقوة الإرادة والصبر على المشاق، طلباً لنيل العلم والمعرفة، وعاد من رحلة الدراسة، حيث عين مدرساً عام 1968 ثم نائباً لمدير المعارف في الشارقة.

حين راود مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حُلم الدولة والاتحاد، كان خلفان الرومي ضمن الفريق، حيث اختاره ليكون عضواً في الهيئة التي كلفت بزيارة الدول الخليجية والعراق وسوريا والأردن ولبنان قبل أشهر قليلة من قيام اتحاد الإمارات، وذلك لنقل وجهة نظر الشيخ زايد في ما يتعلق بمجريات الأمور، وإبلاغ هذه الدول بمشروع قيام الدولة، كما انتدب الرومي إلى جامعة الدول العربية، ضمن وفد ناقش قضية جزر الإمارات التي احتلتها إيران، وتولى الراحل عدداً من أجهزة الدولة وتسلم مناصب عالية فخدم الإمارات بإخلاص وتفان منذ أول منصب تولاه بعد قيام دولة الاتحاد وكرس حياته في المثابرة والكفاح كنموذج رائع للتفاني والإخلاص.

خلفان الرومي أحد الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في الحياة الثقافية والتعليمية والإعلامية في الدولة، وبدأ حياته المهنية بتولي منصب وكيل وزارة التربية والتعليم إبان تولي الراحل الدكتور عبدالله عمران تريم وزارة التربية بعد التشكيل الثاني في عام 1973م، وفي التشكيل الثالث الذي كان في 1977م تولى وزارة الصحة وفي التعديل الوزاري في 1983 تولى حقيبة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

ثم تولى في التشكيل الخامس عام 1990 منصب وزير الإعلام والثقافة.

كما شارك الراحل في تأسيس جائزة الصحافة العربية التي تعد أكبر مشروع لتكريم الصحافيين المبدعين في الوطن العربي، وقد تم إطلاقها بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث عمل خلفان الرومي إلى جانب مجموعة من القيادات الإعلامية على وضع النظام الأساسي للجائزة، وساهم في توسيع انتشارها لتصبح اليوم بمثابة أرفع وسام مهني في الصحافة المكتوبة، وكان من المواكبين لتطور هذه الجائزة العالمية في دبي، وقدم العديد من المقترحات التي ساهمت في توسعها.

يصفه القريبون منه بالوزير والإداري المحنك والمتواضع، حيث جمع قيم الرعيل الأول، وما تحمله من أصالة الثوابت واقتدار المعرفة والحكمة، وإخلاص للأرض والوطن، وقد قيل عنه الكثير، ومن ذلك كلام معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، واصفاً إياه بـ«المربي الفاضل والسياسي الحكيم والرجل المتواضع».

وأضاف «هو ابن الوطن البار الذي ودع الإمارات، بعد مسيرة حافلة ثرية بالإنجازات، والعطاء الوطني، ونموذج جيل أعطى عمره للإمارات في مراحل التأسيس الصعبة، رحم الله أبا فيصل».