تعد فنون الفخار والخزف في الإمارات امتداداً طبيعياً لذلك الإرث الحضاري الفني، وللتجربة الجمالية للأنماط التراثية المستوحاة من الثقافة الإسلامية في الفنون التي واكبت بيئة المجتمعات وأنماطها المحلية، لتوثق يومياتها وحياتها من بوابة التصاميم متعددة القوالب، التي باتت عنواناً للفنون المعاصرة التي تحمل بصمة الجيل الجديد من الخزفيين الإماراتيين.
حول قدرة التصاميم الفنية المستوحاة من التراث والثقافة الفنية الإسلامية المتوارثة في هذا المجال، يقول الفنان وأستاذ الفنون مايكل رايس المتخصص في الخزفيات: قدرة التصاميم الفنية المستوحاة من التراث والثقافة الفنية الإسلامية المتوارثة على المواكبة والتجديد هي بلا شك عملية مستمرة، لكنها أصبحت أكثر أهمية ووضوحاً، وقد ساعدها على ذلك وبشكل كبير النمو في استخدام الممارسين للطين في الإمارات، ومن خلال منح القطع الخزفية المكانة التي تستحقها.
وأضاف: حقيقة أن متحف اللوفر في أبوظبي لديه مجموعة كبيرة من السيراميك والفخار المعروض أمام الجمهور طوال العام تهدف لتوفير قنوات فنية ومعرفية تسهم في استقطاب شريحة عريضة من محبي الفنون والمهتمين نحو هذا الفن الخالد بتقنياته وتاريخه الممتد في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من العالم الإسلامي، ولابد من الإشادة بدور المراكز والمؤسسات الثقافية في دولة الإمارات، والتي تسعى جاهدة إلى تسليط الضوء على هذا النوع من الفنون بداية من الحرفيين والكتاب والمثقفين والفنانين العاملين على تطوير تصميم الفخار والخزف المعاصر وفناني الخزف المعروفين في الإمارات من أمثال الفنان الإماراتي سالم جوهر، إلى جانب الجيل الجديد من الخزفيين الإماراتيين الذين انضموا إلى الأسماء الأكثر شهرة، ومنهم حصة العجماني وشيماء أهلي.
لذا فإن مستقبل السيراميك يبدو مشرقاً في الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبح الناس بلا شك أكثر وعياً بالفوائد الإيجابية والمتعة الإبداعية التي يجلبها العمل بالطين لجميع أولئك الذين يخاطرون ويصبحون أيديهم موحلة!
خارج المألوف
وعما إذا كانت تصاميم الخزف والفخار المعاصرة استطاعت إيجاد مقاربه متوازنة لأنماط التصاميم التراثية وطابعها الإسلامي، تقول صانعة الخزف الفنانة التشكيلية أسماء العريض: إن تصاميم الفخار والخزف المعاصر لم تعد تستنبط موضوعاتها من الأنماط التقليدية المتعارف عليها، ولكنها اتخذت من إيحاءاتها نقطة انطلاق متجددة للبحث عن الإبداع بلا حدود، وتمكن من خلالها أن يعبر عن ملامح الحضارات القديمة مع إسقاط بعض سمات العصر الحديث، ويمكن ملاحظة التحولات الأسلوبية من جيل إلى آخر وتلمس المنابع التراثية للإبداع المعاصر من ناحية والاتجاهات الحديثة إلى جانب تعدد أساليب إنتاج الخزف إلى جانب الزخارف التي يزين بها هذا الإنتاج فاستخدم الرسم بالألوان تحت الطلاء الزجاجي الشفاف كما استعمل التذهيب فوق الطلاء وكذلك الحفر والتخريم فضلاً عن البريق المعدني الذي يميز الخزف المستوحى من التراث الإسلامي وفي المجمل لا بد من أن نشير إلى أن صناعة الخرف والتصاميم الفخارية تطور تنفيذها، فظهرت عليها مواضيع جديدة وأشكال هندسية ونباتية وحيوانية وأشكال أسطورية وغيرها، كما أصبحت صناعته خاضعة لإبداعات الفنان وذوقه.
تجارب واعدة
تؤكد الفنانة التشكيلية الإماراتية الدكتورة كريمة الشوملي، أن هناك بعض المحاولات البسيطة في مجال الخزف على النطاق المحلي، وترجع ذلك إلى أن عملية إنتاج الخزف مكلفة من الأدوات التي يطلبها إنتاج الخزف، وعدم توافر الطينة ذات الخاصية عالية الجودة، لذلك نلاحظ أن تلك المواد والأدوات التي تتوافر فقط في المؤسسات التعليمية والثقافية، وبالتالي يتم تدريس فقط الأساسيات في علم الخزف ومن ثم تنطلق المواهب العاشقة لهذا النوع من الفنون في تطوير تجاربها الخاصة واجتهاداتها الشخصية، وبشكل عام مر الخزف بمراحل كثيرة من التجديد وبات الفنان المعاصر المتخصص في ابتكار تصاميم خزفية، أكثر قدرة على توثيق العديد من الملامح التراثية في القطع المعروضة المتأثرة بثقافة وحضارة وفقاً للبحوث والدراسات والتجارب في هذا المجال، لذلك من الطبيعي أن نجد هذا التأثير المستمر في أعمال معظم الفنانين التشكيليين التي اتسمت بالحداثة لمواكبة العصر والتطور الموجود حالياً.