هل يسرّع الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات أسعار الفائدة؟

جينيفر هيوز - فالنتينا رومي - ليو لويس

سينصب اهتمام المستثمرين على التنبؤات التي سيصدرها الاحتياطي الفيدرالي حيال الاقتصاد الأمريكي، وذلك مع اختتام البنك المركزي لاجتماعه الذي يستغرق يومين لتحديد أسعار الفائدة غداً الأربعاء. وتشير توقعات الأسواق إلى احتمال كبير بالإبقاء على تكاليف الاقتراض دون تغيير، وذلك ضمن النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.25% و4.50%، استناداً إلى أسعار العقود الآجلة.

وسيركز المستثمرون بشكل أساسي على تحليل رؤية جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، فيما يتعلق بالتحركات المستقبلية لأسعار الفائدة، وذلك في ظل تقييم الشركات والمستهلكين لتداعيات قرارات الرسوم الجمركية المتقلبة التي يتخذها الرئيس دونالد ترامب.

وفي فبراير، دفع الأداء المرن ظاهرياً للاقتصاد الأمريكي المستثمرين إلى ترجيح خفض إضافي لأسعار الفائدة فقط في سبتمبر، مع احتمال بنسبة 40% لخفض آخر بحلول نهاية العام. لكن البيانات الأخيرة أظهرت تباطؤ النشاط الاقتصادي الأمريكي، إلى جانب تراجع حاد في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وهو ما أثار مخاوف الأسواق بسبب تقلبات سياسات ترامب التجارية.

يتوقع المستثمرون خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين هذا العام، بدءاً من يونيو أو يوليو، مع احتمال قوي لخفض ثالث بحلول نهاية العام. وقال غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة «إي واي» للخدمات المهنية: «خلال المؤتمر الصحفي، سيتعيّن على باول الموازنة بين حالة عدم اليقين السياسي وتقلبات الأسواق، وقد يجد صعوبة في إعادة التأكيد على أن الاقتصاد صامد بشكل جيد».

وكان باول عبر في وقت سابق من الشهر عن عدم قلقه إزاء بيانات سوق العمل التي جاءت أضعف من التوقعات، مؤكداً أن الاحتياطي الفيدرالي «في موقع جيد» للانتظار حتى تتضح الصورة الاقتصادية بشكل أكبر. ومع ذلك، خفضت بعض البنوك الاستثمارية بالفعل توقعاتها للنمو. فقد خفض غولدمان ساكس هذا الأسبوع تقديراته لنمو الاقتصاد الأمريكي في عام 2025 إلى 1.7% بدلاً من 2.4%، بينما خفض باركليز توقعاته إلى 0.7%، أي إلى النصف.

ويترقب المستثمرون التحديثات الفصلية للاحتياطي الفيدرالي التي تتضمن توقعات أعضاء اللجنة الاقتصادية، بما في ذلك «المخطط البياني النقطي» لتوقعاتهم بشأن معدلات الفائدة. وكانت الأسواق قد تراجعت بشكل حاد بعد آخر تحديث لهذا المخطط في ديسمبر، عندما خفض مسؤولو الفيدرالي توقعاتهم لخفض معدلات الفائدة في 2025، مما فاجأ المستثمرين.

على الجانب الآخر، وفي المملكة المتحدة، ستتجه الأنظار إلى اجتماع بنك إنجلترا يوم الخميس لمعرفة ما إذا كان البنك سيغير نهجه المتحفظ في خفض الفائدة «بحذر وتدريجياً» هذا العام. ويُتوقع على نطاق واسع أن يبقي بنك إنجلترا على سعر الفائدة الأساسي عند 4.5%، حيث يتبع نهجاً متريثاً لخفض أسعار الفائدة وسط ضعف النمو الاقتصادي.

وتشير توقعات الأسواق إلى أن البنك سيجري خفضين إضافيين للفائدة قبل نهاية العام، ليصل المعدل إلى 4%. ومع ذلك، يرى الاقتصاديون أن الضغوط على الاقتصاد البريطاني قد تزايدت منذ الاجتماع الأخير في فبراير، حيث ارتفع التضخم إلى 3% في يناير متجاوزاً التوقعات، في حين انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% في الشهر ذاته، بينما استمر نمو الأجور بوتيرة قوية خلال العام.

و«المشكلة الكبرى التي لا يمكن تجاهلها تكمن في حالة عدم اليقين الناجمة عن سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتعطيل أمريكا للتحالفات الأمنية الغربية»، وفقاً لساندرا هورسفيلد، الخبيرة الاقتصادية في مجموعة إدارة الثروات «إنفستيك». ومن المتوقع أن تؤثر التعريفات الأمريكية على الطلب في المملكة المتحدة واقتصادات شركائها التجاريين، فضلاً عن تأثيرها على الأسواق المالية. وقد ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 6% إلى 1.29 دولار منذ منتصف يناير، في حين ارتفع عائد السندات الحكومية البريطانية من 4.44% في أوائل فبراير إلى 4.67%، مما أدى إلى تشديد الأوضاع المالية.

من جانبها، أعلنت ألمانيا عن حزمة تحفيز مالي ضخمة وزيادة في الإنفاق الدفاعي على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة وصفتها هورسفيلد بأنها «تغير جذري» قد يدعم الاقتصادات الأوروبية. وفيما يتعلق ببنك إنجلترا، توقعت هورسفيلد أن يواصل نهجه التدريجي في خفض معدلات الفائدة، مشيرة إلى أن التخفيضات قد تكون أعمق مما تتوقعه الأسواق. وقالت: «نتوقع ثلاثة تخفيضات إضافية بمقدار 0.25 نقطة مئوية لكل منها، ليصل معدل الفائدة إلى 3.75% بحلول نهاية العام».

على صعيد آخر، يواجه بنك اليابان تحديات استثنائية في اجتماعه المقبل للسياسة النقدية يومي الثلاثاء والأربعاء، حيث يتعين عليه التعامل مع مزيج معقد من العوامل الجيوسياسية والضغوط الخارجية والتقلبات المحلية.

ورغم أن البنك رفع معدلات الفائدة مرتين خلال العام الماضي في إطار سعيه إلى تطبيع سياسته النقدية بعد سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، فإن المحللين لا يتوقعون أي زيادة جديدة في هذا الاجتماع. ويرجع ذلك إلى أن البنك لا يزال يقيم آثار الزيادة الأخيرة -الانتقال من 0.25% إلى 0.5% في يناير- فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الأمريكية ومخاطر التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة.

ومع أن الزيادات في الأجور، والتي تعد عاملاً حاسماً في حسابات بنك اليابان، تسجل مكاسب بارزة هذا العام، فإن الأسواق منقسمة حول توقيت الزيادة التالية. ويتوقع بعض المستثمرين أن تتم خلال الصيف، فيما لا تتوقع الأسواق أن يتم تسعير أي زيادة كاملة قبل أكتوبر.

وقد ارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات إلى 1.58%، وهو أعلى مستوى في 15 عاماً، كما ارتفع الين بنحو 5.7% مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العام، ليصل إلى 148 يناً للدولار الواحد. ومع ذلك، لا يُتوقع أن يرد بنك اليابان على هذه التحركات بشراء سندات بأسعار ثابتة أو بزيادة مشترياته المباشرة.