Al Bayan
today-time03 شوال 1446 هـ ، 1 أبريل 2025 م
prayer-time

«إثيريوم» تعيش أزمة منتصف عمر مع لحاق المنافسين بركبها

فيليب ستافورد

شهد سعر عملة «إيثر» انخفاضاً ملحوظاً بنسبة 40 % خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تمر ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم وتقنية «بلوكتشين» التابعة لها، بما يشبه «أزمة منتصف العمر»، في ظل المنافسة المتزايدة من العملات الأخرى.

وقد تراجع سعر الرمز، الذي يمثل تقنية «بلوكتشين» الخاصة بالإيثيريوم، الأكثر استخداماً في الأسواق المالية، إلى 2087 دولاراً أمريكياً. كما شهد سوق العملات المشفرة بشكل عام، انخفاضاً حاداً العام الجاري، بعد تراجع المكاسب التي حققها عقب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

رغم ذلك، انخفض أداء «إيثير» مقارنة بعملات مشفرة كبيرة أخرى، مثل «بيتكوين» و«سولانا» و«كاردانو». وتسلط خسائر العملة الضوء على فقدان «إيثير» بريقها في أعين المستثمرين، الذين تكالبوا ذات مرة على ركن من أركان سوق العملات المشفرة، والتي كانت تعد بهز أركان النظام المالي، عن طريق تطبيقات «التمويل اللامركزي».

وقالت كارول ألكساندر، أستاذة التمويل لدى جامعة ساسكس: «يبدو مشهد التمويل اللامركزي بعيداً تمام البعد حالياً عما كان عليه قبل عام». وتابعت: «هناك خيبة أمل مع زوال الغشاوة عن الأعين».

ولطالما روجت «إيثيريوم» لنفسها على أنها الشبكة «الناضجة» في عالم الأصول المشفرة، وباعتبارها شكلاً من أشكال الأموال القابلة للبرمجة، التي يمكنها تخزين الأصول المالية، وتنفيذ الأوامر تلقائياً.

وكان هذا الترويج سبباً في أن تكون «إيثيريوم» هي «البلوكتشين» التي تحبذها المؤسسات المالية التقليدية، التي تسبر أغوار الابتكار في عالم الأصول المشفرة.

والجهات المصدرة للعملات المستقرة، مثل «تثر» و«يو إس دي سي» و«باي بال»، تستخدم «إيثيريوم» لدعم أشكالها الرقمية من النقد، فيما تستخدم شركات مثل «بلاك روك» و«فيدليتي» العملة، باعتبارها الأساس الذي تستند إليه نسخها الرمزية من سندات الخزانة الأمريكية.

لكن الهوس الأخير بما يطلق عليه «عملات الميم»، وهي رموز ليست ذات استخدام فعلي، استحوذ على انتباه المتداولين في الأصول المشفرة، وأبعدوه عن «إيثيريوم» هذا العام.

واستخدمت غالبية العملات، بما في ذلك تلك التي روج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والزعيم الأرجنتيني، خافيير ميلي، «البلوكتشين» الخاصة بعملة «سولانا»، وهي عملة منافسة تروج لنفسها على أنها أسرع وأرخص وأفضل تكيفاً مع الاستخدام واسع النطاق.

وتشير بيانات «نانسين» المزودة للبيانات، بأن تداول «عملات الميم» ولد 721 مليون دولار في الأشهر الستة الماضية، لمستخدمي «البلوكتشين» الخاص بـ «سولانا»، بزيادة هائلة مقارنة بالعام الماضي، ويقارب هذا رسوم المعاملات التي جنتها «البلوكتشين» الخاصة بـ «إيثيريوم»، وتبلغ 824 مليون دولار.

وقال آدم مكارثي، محلل البحوث لدى شركة كايكو المزودة للبيانات: ««إيثيريوم» ليست مثيرة لاهتمام غالبية المستخدمين، لأنه من الصعب أن تتحمس للمميزات الهندسية لشيء ما، في ظل وجود كثير من المتنافسين حالياً في اقتصاد الاهتمام».

وتابع: «قارن هذا بعملة «بيتكوين»، التي رسخت لنفسها سردية أنها الذهب الرقمي». وشعر المتداولون بخيبة الأمل أيضاً، حينما أعلنت إدارة ترامب أن الحكومة لن تجري مشتريات كبيرة بعملة «إيثير» ضمن الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من العملات المشفرة، ما يتناقض والتلميحات التي صدرت عن الرئيس قبل أيام.

وعلق ديفيد لاوانت رئيس قسم البحوث لدى فالكون إكس، وهي شركة وساطة رئيسة في عالم الأصول المشفرة: «هناك مصدران لرأس المال في السوق، المستخدمين الأساسيين للأصول المشفرة والصناديق المُتداولة في البورصة». وأوضح: «فقدت إيثيريوم بريقها للمصدر الأول، ولا تحظى بزخم كبير لدى الصناديق المُتداولة في البورصة».

وأدى صافي التدفقات الخارجة من الصناديق المُتداولة في البورصة، التي تستثمر في «إيثر»، بقيمة 401 مليون دولار في مارس، وهو أكبر إجمالي شهري منذ يوليو، في الإطاحة بكافة التدفقات الواردة إليها منذ بداية العام.

وتأتي هذه التدفقات الخارجة، مع مواجهة شبكة مطوري «إيثيريوم» أزمة ثقة خاصة بها. ويرجع ذلك إلى أن عدد المحافظ التي تبعث بمدفوعات وتتلقاها بصفة مستمرة على الشبكة، لم يطرأ عليه أي تغير كبير منذ مارس الماضي، بحسب بينات «إف تي ويلشير».

وتعتقد ألكساندر أن الكثير من النشاط في مشروعات التمويل اللامركزي التي تستخدم «إيثيريوم» مبالغ فيها، منوهة باحتساب المبادلات مرات عدة.

كما أشارت إلى أن «مؤسسة إيثيريوم»، المسؤولة عن تطوير «البلوكتشين» الخاص بالعملة، تشوبها مشكلات، مع انقسام المطورين بشأن الاتجاه الأوسع نطاقاً للمشروع. وقالت: «أصبحت عملية صنع القرار غارقة طفيفاً في الفوضى».

أما جيف كيندريك رئيس قسم الأصول الرقمية لدى «ستاندرد تشارترد»، فيرى أن «إيثيريوم» تمر «بأزمة منتصف عمر»، في ظل مواجهتها سلسلة تحديثات فنية، تهدف إلى جعل الشبكة نفسها أكثر جاذبية لجمهور أوسع.

ويحاول مطورو «إيثيريوم» تحسين سرعة وكفاءة الشبكة، فأسندوا معالجة المعاملات إلى أطراف ثالثة. لكن ذلك يتسبب في حصول الأطراف الثالثة، والمعروفين باسم «شبكات الدرجة الثانية»، على رسوم.

وذلك على حساب مطوري «إيثيريوم» أنفسهم. ويعتقد كيندريك أن القرار كان بمثابة «تخلٍ مجاني عن القيمة»، مضيفاً أن «إيثيريوم» أضفت على نفسها صبغة سلعية بصورة أساسية.

وأفاد داعمون بأن «إيثيريوم» لديها أفضل مجتمع من المطورين. كما يعمل مروجون بارزون، بينهم فيتاليك بوتيرينالذي، الذي شارك في تأسيس «إيثيريوم»، على إنشاء شبكة جديدة للمساعدة في معالجة أحجام معاملات كبيرة.

تجدر الإشارة إلى أن أسعار عملات منافسة، مثل «سولانا» و«أدا»، وهو الرمز الذي يمثل «كاردانو»، انخفضت أيضاً بأكثر من 20 % خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مع فقدان السوق المتقلبة للأصول المشفرة زخمها، دون وجود أي محفزات أو صناديق جديدة تدخل السوق.

رغم ذلك، قال سايمون فورستر الرئيس المشارك لقسم الأصول الرقمية لدى شركة تي بي آي كاب للوساطة، إن «إيثيريوم» و«إيثير» أصبحتا مشاريع مضاربية من بين كثير من مشروعات الأصول المشفرة.

واستطرد: «أصبح الأمر محفوفاً بالصعوبة في ترويجه»، مضيفاً: «لا يعلم أحد أي شبكات التمويل اللامركزي هذه هي التي ستهيمن على المشهد في نهاية الأمر».