Al Bayan
today-time28 شوال 1446 هـ ، 26 أبريل 2025 م
prayer-time

هروب العقول البريطانية إلى الولايات المتحدة بحثاً عن التمويل

كيران سميث - كريستينا كريدل

انخفض الاستثمار في الشركات الناشئة بالمملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته منذ الفترة التي تلت جائحة فيروس كورونا، ما دفع شركات التكنولوجيا الناشئة إلى التفكير في احتمالية نقل مقراتها إلى الولايات المتحدة بحثاً عن رؤوس الأموال.

وأظهرت بيانات شركة ديلروم للبحوث أن الشركات الناشئة البريطانية جمعت 16.2 مليار جنيه استرليني فقط في عام 2024، وكان هذا أقل قدر من التمويل منذ عام 2020. على النقيض جمع نظراؤهم في وادي السيليكون أكثر من 65 مليار استرليني خلال الفترة نفسها، بزيادة قدرها 71 % مقارنة بعام 2023.

وقال العديد من الرؤساء التنفيذيين للشركات البريطانية الناشئة، إن رغبتهم في اجتذاب المستثمرين الأمريكيين دفعتهم بالفعل إلى تأسيس فروع لهم في الولايات المتحدة على الرغم من وجود مقارهم في لندن.

يرى ماتي ستانيزيسكي، الشريك المؤسس لشركة إليفين لابز المختصة في الذكاء الاصطناعي، وبلغ تقييمها 3.3 مليارات دولار في يناير من العام الجاري، أنه: «إدراكاً منا بأن أغلبية تمويل المشاريع تأتي من الولايات المتحدة، فقد أسسنا شركة في ديلاوير بالهيكل المُفضل والمألوف للمستثمرين الأمريكيين». وتجدر الإشارة إلى أن نحو 20 % من 70 شركة تقنية ناشئة بدأت في بريطانيا وتلقت تمويلاً من رأس المال المغامر، ثم نقلت مقرها الرئيسي إلى أمريكا، تأسست بعد عام 2020.

يأتي هذا التوجه مع إشارة حكومة السير كير ستارمر إلى قطاع الذكاء الاصطناعي الناشئ باعتباره مساراً محتملاً يؤدي إلى النمو الاقتصادي، حيث يقول مؤسسو الشركات الناشئة والمستثمرون، إن جودة المهندسين والموظفين التقنيين البريطانيين تضاهي نظراءهم الأمريكيين.

وحذرت الشركات الناشئة من أن صعوبة الوصول إلى رأس المال تعيق الشركات البريطانية عن المنافسة مع نظيراتها العالمية. وفي الماضي استحوذ مستثمرون دوليون أكبر على شركات تكنولوجية بريطانية رائدة، مثل «ديب مايند» و«آرم».

وقال بارني هاسي-ييو، الذي جمعت شركته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتخذ من لندن مقراً لها تمويلاً بقيمة 140 مليون دولار منذ تأسيسها عام 2016، وهو يفكر في الانتقال من المملكة المتحدة، وأوضح أن الانجذاب نحو الانتقال إلى الولايات المتحدة «يزداد قوة كل عام»، لافتاً إلى العقلية الأفضل للمستثمرين والقرار الأخير، الذي اتخذته الحكومة البريطانية لزيادة ضرائب الأرباح الرأسمالية.

وأفاد هاسي-ييو، الذي يقضي أربعة أشهر سنوياً في سان فرانسيسكو: «إنك تصل إلى حجم معين لا تستطيع تجاوزه، وليس ثمة رأس مال في المملكة المتحدة، والمشكلة تزداد سوءاً»، وتابع: «في حقيقة الأمر ستكون المملكة المتحدة في أزمة إذا لم تعالج هذه المشكلة».

من ناحيته اختار ألكس ماكدونالد، الذي أطلق شركته الناشئة الثانية مؤخراً باسم «سيكيويل» ولاية ميامي لتكون مقراً لشركته، وأسس شركة تابعة مقرها في المملكة المتحدة في سياق هيكل، تم تصميمه لتفادي مسألة نقل المقر في وقت لاحق.

وقال: «أنا أيضاً مستثمر، والنصيحة التي أسديها إلى المؤسسين في الوقت الراهن هي تأسيس مقارهم في الولايات المتحدة، ثم شركات تابعة في المملكة المتحدة، لأنكم ستحصلون على رأس المال بصورة أفضل، مع الحصول أيضاً على المهارات الموجودة في المملكة المتحدة لكن بتكلفة توظيف أقل كثيراً».

أما ماكدونالد، الذي وظف أغلبية فريق العمليات في لندن، فيرى أن المهارات الموجودة في المملكة المتحدة متساوية إن لم تتفوق على الموجودة في الولايات المتحدة، علاوة على أنها محصورة في نطاق جغرافي أصغر.

وأضاف أن «المملكة المتحدة مكان رائع لتأسيس الأعمال، لكننا بحاجة إلى رؤية تغييرات، مثل تشجيع صناديق المعاشات التقاعدية على الاستثمار في رأس المال المغامر؛ تشجيعاً لمزيد من النمو للشركات الناشئة».

ولطالما كان قطاع المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة متردداً في الاستثمار في الأسواق الخاصة مقارنة بنظرائه في الخارج. وتوصلت دراسة أجراها مركز نيو فايننشال البحثي في العام الماضي إلى استثمار خطط التقاعد البريطانية 5 % في الأسهم الخاصة، وهو أقل من نظيراتها الأمريكية.

وفي الشهر الماضي، صرح تورستن بيل، وزير المعاشات التقاعدية، بأنه يدفع صناديق التقاعد إلى زيادة استثماراتها في الأسواق الخاصة، وهو ما يأتي ضمن خطط حكومية أوسع ترمي إلى تحسين الأداء وتوحيد أصول صناديق التقاعد، التي تبلغ قيمتها 1.3 تريليون استرليني.

وأشار مؤسسان اثنان تلقيا تعليمهما في المملكة المتحدة وفي أوائل العشرينيات، وهما تايمون غريغ وكايلين شو، إلى تأسيسهما شركاتهما في الولايات المتحدة بسبب السلوك الأفضل من جانب المستثمرين والعملاء.

وذكر جريج، الذي أسس مقراً لشركته «سترالا» العاملة في التأمين بواسطة الذكاء الاصطناعي في سان فرانسيسكو بالعام الماضي: «العملاء والمستثمرون الأمريكيون أسرع وأكثر استعداداً لتجربة الأشياء - مستوى الطموح مختلف تماماً».

وبالنسبة لشو، الذي انتقلت شركته «هيبوس إكسوسكيليتون» العاملة في التكنولوجيا الصحية إلى سان فرانسيسكو، فأوضح: «العقلية مختلفة، الناس على استعداد لتحمل المخاطر».

وسلط البحث الذي أجرته «ديلروم»، الضوء على اتجاه 57 % من رأس المال المغامر في العام الماضي إلى شركات ناشئة في الولايات المتحدة، ما يتخطى مستوى 50 % للمرة الأولى منذ عقد، كما نمت الاستثمارات بنسبة 30 % منذ عام 2023.

وعلى النقيض لم تتلقَ الشركات الناشئة في المملكة المتحدة إلا 4.8 % من التمويل العالمي، وتراجع إجمالي الاستثمارات بواقع 11 % خلال الفترة ذاتها.

لفت أنتوني ووكر، نائب الرئيس التنفيذي لدى «تك يو كيه»، إلى أن الأمة «تواجه خطر فقدان ألمع شركاتها لصالح الأسواق العالمية»، إن لم تفعل المزيد لسد «فجوة الاستثمار» الآخذة في الاتساع مع الولايات المتحدة.

وحذر من أنه «إن لم يتم اتخاذ إجراءات في هذا الصدد فستفكر الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الإمكانات العالية في نقل مقارها إلى الخارج، ما سيكلف المملكة المتحدة وظائف، وإيرادات ضريبية، وكذلك نمواً اقتصادياً».

ويعتقد دوم هالاس، الذي أسس تحالف الشركات الناشئة وهي هيئة صناعية، أن المملكة المتحدة وقعت ضحية لـ«نجاحها الجزئي».

وأضاف: «لقد بنينا نظاماً بيئياً تقنياً يستحق أن يقوم المستثمرون الأمريكيون والدوليون الآخرون بالبحث فيه عن مؤسسين»، مضيفاً «نحن بحاجة إلى خطة حقيقية، لتحفيزهم على البقاء في البلاد».