فتح معرض الطوابع الذي أقيم في مكتبة محمد بن راشد مؤخراً ضمن فعالية «كنوز إماراتية مختومة بالتاريخ: من أرشيف الذاكرة إلى مقتنيات الأجيال»، صفحات حية من تاريخ دولة ومجتمع الإمارات، وأعاد إلى الذاكرة مآثر الآباء والأجداد، ومسيرتهم الطويلة نحو تأسيس دولة الاتحاد، وبناء أركانها.
فلا يقدم المعرض تاريخ الدولة فقط، بل يكشف عن أهمية المقتنيات ذات القيمة التاريخية، التي هي بين أيدي الهواة من جامعي الطوابع، الشغوفين بهوايتهم، كما يظهر أهمية الاهتمام الشخصي بهذا التاريخ، وضرورة وجود هيئات تنظم التعامل مع هذه الكنوز الوطنية، وهذا واحد من أسباب تأسيس جمعية الإمارات لهواة الطوابع. «البيان» واكبت المعرض، واستطلعت آراء المشاركين والمهتمين حول هذه الفعالية، وحول حاضر ومستقبل هواية جمع الطوابع.
وثائق حضارية
أكد عبدالله بن جاسم المطيري عضو الجمعيتين الملكية البريطانية والأمريكية للمنمنمات، أحد أبرز جامعي الطوابع والعملات في الدولة، أنه بدأ هوايته عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، أي قبل أكثر من خمسين عاماً، وأن الطوابع بالنسبة له تعد واحدة من أهم الوثائق الحضارية، وأنها السفير الحضاري للأمم والشعوب، والطابع الذي ينتقل من بلدك إلى بلدان أخرى هو دعوة للتعارف الحضاري.
ويرى المطيري أن الطوابع لا تفقد أهميتها التاريخية والحضارية مهما مر عليها الزمن، بالعكس تزيد قيمة بمرور الزمن، وقال: «من وجهة نظري وإن كان للكتاب أهميته الفائقة، إلا أن الطوابع لها سحرها الخاص، مثلاً، طوابع دبي في العام 1963، وطوابع الشارقة في أكتوبر العام 1963، وفي ذلك الوقت من كان يعرفنا في العالم؟ لذا جاءت هذه الطوابع لتعرِّف بنا، ومن هنا يمكن القول إن هذا الطابع الصغير هو إعلان وجود كبير، لذا أتمنى من العائلات الاهتمام بهواية جمع الطوابع، وكذلك الاهتمام بالهواية الرديفة التي هي جمع العملات، فهي هوايات تثري ثقافة الأجيال وتعلمهم تاريخهم».
وأضاف: «من يريد الفائدة المادية يمكن للطوابع أن توفر له ذلك، حيث إن بعضها كانت قيمته تقريباً درهمين وربع درهم، أما الآن فيزيد عن 8 آلاف درهم.
وهناك الطوابع من فئة الإصدار المحدود، التي صدرت في مناسبات خاصة كلها تزيد قيمتها كلما زادت ندرتها». وتابع: «من يريد الهواية مثلي وجمع الطوابع بغير هدف بيعها بل لإبقائها لأبنائي وللأجيال القادمة فإن هذه الهواية بكل تأكيد تقدم ذلك في مشاعر مختلطة بين الفخر والصبر على البحث والانتظار للحصول على المطلوب، والإمكانيات التي تمكن من شراء هذه الطوابع وخاصة النادرة وذات الإصدارات المحدودة».
قراءة التاريخ
من جهته أوضح عمر محمد عضو جمعية الإمارات لهواة الطوابع أنه بدأ هوايته هذه منذ الصغر، ورغم أنه توقف عنها في فترة الدراسة، إلا أنه عاد إلى الشغف بجمع الطوابع، بعد ذلك وتحديداً منذ العام 1996، ولم يتوقف عن ذلك إلى اليوم، حيث تركز اهتمامه منذ البداية على الطوابع الإماراتية التي تتيح قراءة التاريخ.
وأضاف: «لا تزال هناك إصدارات للطوابع فالإدارات البريدية لم تكف عن إصدارها حتى بالرغم من تراجع التراسل البريدي، إضافة إلى أن عالم الإنترنت انخرط في عرض الطوابع، وهناك الكثير من المواقع الكبيرة التي توفر منصات لبيع الطوابع، أو حتى تبادلها».
وأردف: «لا أجمع الطوابع بهدف استثماري فشغفي هو في جمعها، ولم يحدث أنني بعت شيئاً من الطوابع التي أجمعها، وبالنسبة لي فإن ما أحصل عليه من هذه الهواية هو أهم من العوائد المالية، فهي هواية تعلم الإنسان الصبر، والمثابرة، والدقة في ترتيب الأمور الحياتية، والكثير الكثير سوى ذلك».
وأشار إلى أن قيمة الطوابع تتحدد بالعادة وفق مبدأ الندرة، والعرض والطلب، كما أن هناك طوابع استثنائية، مثل الطوابع التي تحصل أخطاء في تصميمها وطباعتها، فهي تكون نادرة بالعادة، لذا ترتفع قيمتها.
من جهته، أكد جامع الطوابع الصيني علي وانغ أنه بدأ بجمع الطوابع منذ العام 1984، بينما بدأ اهتمامه بالطوابع الإماراتية منذ التسعينيات، حينما توقف في دبي خلال رحلة له، واشترى أول الطوابع الإماراتية من مكتب البريد في منطقة الكرامة، ومع إقامته في دبي واصل هذا الشغف، حتى كوّن مجموعة كاملة تشمل كل الطوابع الإماراتية، من الإصدار الأول في العام 1973 وحتى اليوم.
وقال علي وانغ الذي درس العربية في بلاده ويتحدثها بطلاقة: «ثابرت منذ استقراري في دبي على تكوين مجموعتي الإماراتية من الطوابع، وكنت أحرص على كتابة المقالات عنها في الصحف الصينية، والطوابع رغم حجمها الصغير إلا أنها عالم واسع، عالم موسوعي، ولا يمكن حصر الفوائد التي تعود على ممارسيها، فمن يظن أن هواية جمع الطوابع مجرد أمر للتسلية، هو واهم وبالتأكيد لم يجرب أن يدخل هذا العالم المذهل. إنها تعرف الإنسان بالتطور الحضاري، والبصمة التراثية للشعوب والأمم، ما لا يمكن حتى للكتب أن تقدمه».
وأردف: «لا أبيع الطوابع فهدفي وشغفي هو الجمع لا الاستثمار، ولكنني أتبادل مع زملاء الهواية بعض الطوابع، التي تتوافر لدي منها نسخ مكررة، أعطيهم مما لدي ويعطونني بالمقابل ما ينقصني، أما أغلى ما دفعت لقاء الطوابع الفردية هو نحو 300 دولار أمريكي، أما المجموعات فأسعارها أكبر من ذلك بكثير، إنها تعد بعشرات آلاف الدراهم».