Al Bayan
today-time01 ذو القعدة 1446 هـ ، 29 أبريل 2025 م
prayer-time

أفلام السينما.. بين النقد المتخصص والنقاش الجماهيري

الأفلام السينمائية تحظى بإقبال جماهيري كبير
الأفلام السينمائية تحظى بإقبال جماهيري كبير
ميرة الجناحي
ميرة الجناحي
نواف المطروشي
نواف المطروشي

تكتسب الأفلام السينمائية جماهيرية كبيرة مقارنة بغيرها من الأعمال الإبداعية، وهو الأمر الذي يثير شهية متابعيها لمناقشة مفرداتها وملامحها، التي تتفاعل ضمن إطار فني حافل بالدهشة، وعلى جانب آخر هناك من امتلك أدوات تحليل العمل السينمائي بعد دراسة أكاديمية معمَّقة، جعلت منه ناقداً متخصصاً يدرك أبعاداً دقيقة في هذا المجال.

ومع اتساع طفرة التواصل الاجتماعي نشط كثير من صنَّاع المحتوى، الذين لديهم طاقة متدفقة في معالجة الرؤى السينمائية، ما شجعهم على توجيه النقد اللاذع أحياناً إلى بعض صنَّاع السينما، كل ذلك أحدث حالة من الجدل حول الضوابط، التي تضمن عدم الفوضى الفكرية في عالم السينما، وتتيح في الوقت نفسه مجالاً للمشاهد ذي الرؤية المبدعة كي يمارس حقه في النقاش.

عمق فكري

وأوضح المصور والمخرج نواف المطروشي لـ«البيان» أن كثيراً من الأفلام السينمائية تبدو سطحية في الظاهر، لكنها في حقيقتها تتسم بعمق فكري غني بالرسائل، مشيراً إلى أن القدرة على كشف تلك الأفكار العميقة ترجع إلى مدى إدراك المشاهد للجوانب الفنية التي تقوم عليها صناعة السينما. ولفت المطروشي إلى أن تعدد الرسائل داخل العمل الفني الواحد يقابله تنوُّع في رؤى المشاهدين ووجهات نظرهم المختلفة، مضيفاً أن هناك من لديه بُعد نظر في التعاطي مع الإبداع السينمائي، ويرى فيه ما لا يلحظه غيره.

وذكر أنه في حالات كثيرة يعرب بعض المشاهدين عن عدم إعجابهم من عمل سينمائي معيَّن، ثم يفاجأون بأن ثمة من يوضح لهم معاني لم تجذب انتباههم فيه، مؤكداً أن هذا النقاش الجماهيري المتبادل قد يدفع بعض المشاهدين إلى تكرار المشاهدة كنوع من إعادة قراءة العمل الفني برؤية جديدة.

توسيع وعي

وعلى هامش «ليالي سينيوليو السينمائية» التي احتضنتها أخيراً مكتبة محمد بن راشد في دبي، ونوقشت خلالها مجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة، كان لـ«البيان» لقاء مع بعض الحضور المشاركين في الفعالية، حيث أكدت ميرة الجناحي ضرورة أن يمتلك من يتناولون الأعمال السينمائية بالنقد على منصات التواصل الاجتماعي الأدوات اللازمة لذلك، وأن يكونوا متخصصين بالفعل في هذا المجال، مشيرة إلى أنهم لا بد أن يتحلَّوا بالموضوعية والحيادية على أقل تقدير، وألَّا يتحاملوا على مخرج العمل وصُنَّاعه.

ولفتت إلى أهمية النقاشات السينمائية، التي يشارك فيها الجمهور بآرائه ووجهات نظره ومشاعره وأحاسيسه تجاه ما شاهده من أفلام، مؤكدة أن تلك الجلسات تسهم في توسيع دائرة الوعي بالفن ورسائله الموجَّهة إلى المجتمع، الذي لم يعتد كثيراً على طرح أفكاره الخاصة بشأن الأعمال الفنية التي يراها.

وأوضحت أن ما يجري في تلك الفعاليات من نقاشات لا ينتمي إلى النقد التخصصي الأكاديمي، ولا يتطرق إلى فنيَّات الصناعة السينمائية، بقدر ما هو نوع من الجلسات الحوارية، التي تفتح مجالاً للمشاهد للتعبير عن رأيه، لافتة إلى أن هذه الزاوية هي الفكرة الجوهرية في عدم التضارب بين احترام التخصص النقدي وتوسيع النقاش الجماهيري.

مستويات متعددة

من جانبه، رأى وليد علي أن السينما إنما تُقدَّم إلى الجمهور في المقام الأول، ومن ثم فليس منطقياً أن يتم احتكار الرأي تجاه الأعمال الفنية في فئة النقاد، ومن يرون أنفسهم متخصصين في هذا الجانب، منوهاً بأهمية النقاشات الجماهيرية التي تُنتج مستويات متعددة من الفهم، وتُحدث حالة من الثراء الفكري، الذي يدور حول تحليل رؤية المخرج.

وأكد أن ثمة فروقاً جوهرية بين ما يقوم به الناقد الدارس المتخصص وما يؤديه الشخص العادي بصفته أحد أفراد الجمهور المتلقي للعمل السينمائي، موضحاً أن الجمهور لن يُعنى مثلاً بزوايا التصوير وكيفية تقطيع المشهد، وغيرها من النقاط الفنية الدقيقة، التي يستطيع الناقد أن يفيد من خلال رأيه فيها صنَّاع العمل الفني لتطوير أساليبهم الإبداعية.

ووصف ما يقدمه بعض روَّاد التواصل الاجتماعي على منصاتهم من محتوى نقدي يتعرض لبعض الأعمال السينمائية بالتحليل والنقاش أو يكشف ثغرات وأخطاء دقيقة، وقع فيها صنَّاع أفلام قديمة بأنه «عمل ممتاز»، مؤكداً أن وصول أولئك الناشطين في ذلك المجال إلى تلك المقدرة النقدية، برغم عدم تخصصهم الأكاديمي، يدل على نضج ثقافتهم السينمائية، وتمكنهم من إدراك أبعاد خفية في عمق الصناعة الإبداعية.