المتاحف.. بين الأدوار العصرية الواجبة وواقع الممارسات

خالد عزب
خالد عزب
جمال عبدالرحيم
جمال عبدالرحيم

 آلاء عثمان

المتاحف الأثرية حجر زاوية رئيس في الحفاظ على التراث الإنساني، فهي تنقلنا بمعروضاتها الأثرية إلى عوالم وحضارات متباينة، لكن هل تقوم هذه المؤسسات بدور ثقافي فعال؟ أم أنها أصبحت بعيدة عن حياة الناس، واقتصر دورها على كونها مجرد مكان للعرض المتحفي فقط؟

تختلف الآراء حول الأمر، فهناك من يثمن الدور المحوري للمتاحف في نشر الوعي الثقافي والتاريخي، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على التراث، وفي المقابل يرى آخرون أن دورها بات قاصراً على عرض المقتنيات الأثرية، ولم تعد تتفاعل بشكل كافٍ مع الجمهور.

«البيان» تناقش ممثلين عن الطرفين، وتتعرف إلى مبررات كل منهما، ويمثلهما هنا: الدكتور خالد عزب خبير الآثار ومدير المشروعات بمكتبة الإسكندرية السابق، ود.جمال عبدالرحيم أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة.

يؤكد خبير الآثار ومدير المشروعات بمكتبة الإسكندرية السابق، الدكتور خالد عزب، أن الدور الأساس للمتاحف هو تثقيف الجمهور، وليس حفظ الآثار فحسب، معتبراً أن أغلبية المتاحف العربية لا تؤدي دورها المنوط بها على أكمل وجه، مضيفاً: «تكمن الأزمة الحقيقية التي تواجه متاحفنا، باستثناء قلة قليلة، في سوء فهم دورها الحقيقي.

فبينما تعتبر المتاحف في العالم مؤسسات تعليمية وثقافية تسعى لنشر المعرفة والتوعية، إلا أنها في منطقتنا العربية، مع استثناءات محددة، تنظر إليها بشكل أساسي كأماكن لحفظ الآثار واستقبال السياح. هذا التصور الضيق لدور المتحف يؤدي إلى إهمال الجانب التعليمي والتثقيفي، ويحرم الزوار من تجربة غنية ومتكاملة».

ويتابع عزب، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، إنه وفقاً للتعريف الذي وضعه المجلس الدولي للمتاحف فإن المتحف هو مؤسسة ثقافية فكرية غير هادفة للربح، «بالتالي يهدف المتحف إلى ربط القطع الأثرية بتاريخ وحضارة المجتمع، وتقديم تجربة تعليمية غنية للزوار.

ولذلك فإن دور المتاحف يتجاوز كونه مجرد مكان لجذب السياح». ويلفت إلى عدة تحديات تواجه المتاحف في المنطقة العربية، من بينها «تحديات تصميمية عديدة تعيق قدرتها على جذب الجمهور وتحقيق أهدافها الثقافية والتعليمية»، بحسب قوله، متابعاً:

«غالباً ما يتم تصميم المتاحف دون دراسة كافية لاحتياجات الزوار، بالإضافة إلى ذلك يعاني العديد من المتاحف من مشاكل في اختيار الموقع، وتوفير مداخل واسعة لاستقبال أعداد كبيرة من الزوار.

وكذلك عدم توفير مواقف للسيارات، وسوء تنظيم الجولات الداخلية، وعدم دراسة آليات الجذب والتشويق في كتابة سيناريو العرض داخل المتحف». ويؤكد أن الكثير من المتاحف لديها سيناريوهات عرض متحفي متشابهة، ويؤثر سلباً على تجربة الزائر.

ويشير إلى أن المتاحف الإقليمية في دولة مثل مصر تشهد تنوعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة من حيث الأنشطة والبرامج الثقافية التي تقدمها، ما يجعلها أكثر قدرة على جذب أفراد المجتمع، على النقيض فإن نجاح المتاحف الموجودة في القاهرة الكبرى يرتبط بشكل كبير بشخصية المدير.

حيث يلعب المدير المتحمس والملتزم دوراً حاسماً في تحويل المتحف إلى مركز ثقافي نابض بالحياة، بحسب قوله، رافضاً مزاعم عزوف الشباب عن زيارة المتاحف أو الاهتمام بالآثار والتاريخ، قائلاً: «هناك مبادرات عديدة من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى التعريف بالآثار، وتنظم رحلات وجولات لزيارة المتاحف والأماكن الأثرية..

ولذلك لا أرى أن الشباب عليهم المسؤولية في هذه المسألة». ويدعو عزب إلى ضرورة إنشاء مجلس إدارة لكل متحف يتمتع بالصلاحيات اللازمة لإدارته وتطويره، وأن يكون هناك تفاعل مستمر بين المتحف والمؤسسات والمجتمع.