قبل 75 عاماً مضت، أي بين (4-7 يونيو عام 1942) غير الانتصار الأميركي في معركة «ميدواي» من مسار الحرب في المحيط الهادئ.
وعقب مرور ستة أشهر فقط من الهجوم الياباني الكارثي على «بيرل هاربور»، حطمت الولايات المتحدة البحرية اليابانية قبالة جزيرة ميدواي (تبعد نحو 1.300 ميل شمال غرب هونولولو)، وأغرقت أربعا من حاملات الطائرات اليابانية.
وترجع كلمة «ميدواي» إلى الجزر المرجانية الصغيرة الموجودة في منتصف الطريق بين أميركا الشمالية وآسيا. ولكن بالنسبة إلى الأميركيين أصبحت «ميدواي» مقياسا للتقدم العسكري. وعقب نصف عام على مفاجأة بيرل هاربور، دمرت البحرية الأميركية بالفعل ما يقرب نصف قوة النقل الحالية الموجودة في اليابان. وذلك بعد تحقيق مواجهات في معركة بحر المرجان قبل ذلك بشهر من الزمن.
الخلافات التي حدثت في المعركة في يونيو 1942 جاءت لصالح اليابانيين. وكان أسطول الإمبراطورية الياباني يحتوي على أربع حاملات للطائرات مقارنة مع ثلاث حاملات طائرات أميركية مدعومة بعشرة من البوارج والطرادات والناقلات الخفيفة المعززة.
ولم تفز أي قوة عسكرية من قبل بعدد أكبر من الأراضي خلال فترة ستة أشهر مقارنة بما فعلته اليابان. وامتدت امبراطوريتها من المحيط الهادي إلى المحيط الهندي، ومن الحدود الروسية المنشورية إلى جزيرة «ويك» في المحيط الهادئ.
ومع ذلك فقد تعرضت البحرية اليابانية لهزيمة ساحقة من قبل عدد من السفن الحربية الأميركية المفتقرة إلى الخبرة في ميدواي.
استغل الأميركيون فرصة الفوز الذي لا يصدق. واختارت القيادة اليابانية أن تتقبل الأمر بهدوء. وحاولت عدم فقدان المزايا التي تراكمت على مدى الأشهر الستة السابقة.
ولم تكن ميدواي بداية النهاية بالنسبة لليابان. ولكن عقب خمسة أشهر فقط من الابتعاد عن جزيرة «غوادالكانال»، تم ترك حاملة واحدة للطائرات فقط في المحيط الهادئ بعد سلسلة من المعارك البحرية الوحشية. وذلك بدلا من إعادة صياغة العملية بمساعدة ونستون تشرشل، حيث كان النصر في ميدواي نهاية البداية الأميركية.
وقبل ميدواي انتصر الأميركيون بمعركتهم في المحيط الهادئ. وساعدتهم الثقافة الأميركية العفوية والمرونة والارتجال على كسب المعركة. وربما يجب أن نتذكر هذه الدروس عقب مرور 75 سنة.
وتمثلت نتيجة مثل هذه القدرة العالية على التكيف في أن الأميركيين كان لديهم في ميدواي ثلاث حاملات للطائرات (بدلا من اثنتين) مقابل أربعة لليابانيين (بدلا من ستة).
وربما كانت ميدواي أفضل فرصة بالنسبة لليابانيين لتدمير القوات البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، قبل أن تبني صناعة الحرب الكبيرة في أميركا أسطولا جديدا تماما.
وعقب مرور أشهر فقط من حرب ميدواي، تم تدشين حاملات الطائرات الجديدة من طراز «إسكس»، الأكثر فتكا. وقبل انتهاء الحرب وجد أنه تم تفعيل 17 من أصل 24 حاملة طائرات أميركية.
وعلى النقيض من ذلك، دشنت اليابان أربعا من حاملات الطائرات لتعوض خسائرها المتعاظمة. وبقيت طائرات البحرية اليابانية التي صنفت الأفضل في العالم عام 1941 والطائرات المنقطعة النظير، بمفردها في الحرب.
وعلى النقيض من ذلك، وعقب مرور شهور على معركة ميدواي، دشنت آلاف المقاتلات الجديدة من طراز «سبيرير هلكات»، و«طوربيد أفنغر» و«قاذفات هلديفر». وتوالت خطوط التجميع الأميركية بأعداد لا مثيل لها ضد اليابانيين.
وخلال معركة ميدواي، تردد الأدميرال الياباني تشويتشي ناغومو في إطلاق أسطوله الجوي. وكان مرتبطا بعقيدة جامدة تتمثل في تحضير طائراته بالذخائر المناسبة. وعلى النقيض من ذلك أرسل الأميرال الأميركي ريموند سبروانس وفرانك جاك فليتشر معظم الطائرات التي كانت لديهم لتدمر أول أسطول ياباني.
ولم تتمكن اليابان من مضاهاة القدرات الصناعية الأميركية، إلا أن الطيارين الأميركيين والبحارة أمكنهم بالتأكيد أن يطابقوا شجاعة الساموراي بالنسبة لنظرائهم اليابانيين. وفي حرب ميدواي، تم تدمير 37 طوربيدا أميركيا بطيئا من أصل 41، عندما التقطهم الغطاء الجوي الياباني بسهولة.
إلا أن مثل هذه القدرات، أبعدت الحامية اليابانية المقاتلة الحرجة عن أسطولها في ميدواي. وفي ظل غياب هذا الأمر، حلقت عشرات القاذفات الأميركية على ارتفاع عال دون أن يلاحظها أحد، لتفجر حاملات الطائرات اليابانية. واستحوذ الأميركيون على فرصة الفوز بانتصار لا يصدق. واختارت القيادة اليابانية الهدوء، لكيلا تفقد مزايا الانتصارات التي تراكمت على مدى الأشهر الستة السابقة.
الانتصار في «ميدواي» جاء عند نهاية البداية الأميركية.