بصفتي إماراتية، أشهد صناعة التاريخ بحس من الفخر، بينما تتجه أعين العالم إلى السماء تترقب إطلاق مسبار الأمل، والذي يعتبر مشروع الإمارات الطموح لاستكشاف المريخ.

عندما أُعلن عن مشروع مسبار الأمل لأول مرة منذ ست سنوات، كنا ننظر إليه كحلم وطموح كبيرين، ولكنه اليوم بات واقعاً يترقبه العالم أجمع. نعم، الإمارات العربية المتحدة تستكشف كوكب المريخ، وأصبح ذلك ممكناً من خلال رؤية كبيرة لقيادة عظيمة، بداية من زايد، طيب الله ثراه، حتى شيوخنا وقيادتنا اليوم.

الإمارات العربية المتحدة دولة شابة، عمرها 50 سنة فقط، لكن طموحها ممتد إلى قرون، فهي تتجه إلى الفضاء، وتواصل خطتها حتى في وسط جائحة عالمية شلت النظام العالمي ككل. حيث أصبح ذلك ممكناً مع رؤية ثاقبة ومن خلال توظيف السياسات ووضع الميزانية ضمن أولوياتها الوطنية وبناء قدرات وطنية وهذا يظهر التزاماً قوياً للخوض ببعثات فضائية مستقبلية.

كيف يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة أن توسع قوتها الفضائية وتتبوأ مركزاً عالمياً ضمن الدول الرئيسية في تقديم التعاون الدولي في مجال الفضاء، ليس فقط للمنطقة العربية ولكن للعالم أيضاً.

قبل خمسين عاماً، ألقى جون إف كينيدي الرئيس الأمريكي خطابه المشهور عن القمر في جامعة رايس في ولاية هيوستن وبحضور 40 ألف شخص حيث قال «لأن أعين العالم تتجه الآن إلى الفضاء والقمر والكواكب، ونتعهد لكم اليوم بأننا سنوظف رحلة الفضاء لأهداف سلمية حيث سنحمل راية الحرية والسلام». كان الرئيس الأمريكي الأسبق يدعو إلى الاستخدام السلمي لاستكشاف الفضاء كأداة رئيسية للتقدم المعرفي والعلمي. نظراً لأن الفضاء يحوز على اهتمام العديد من الدول، حيث يتمتع بمكانة رفيعة في التقدم العلمي وبناء قدرات الخبرات ووضع رؤية لإلهام الإنسانية.

منذ أن بدأ السباق لاستكشاف الفضاء في الستينيات، سيطرت عليه قوتان عالميتان رئيسيتان هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي حين ذاك. والآن تخطط دول أخرى مثل الصين واليابان والهند والإمارات العربية المتحدة ليصبحوا ضمن القوى المعروفة في مجال الفضاء.

أيضاً في عام 2020 من خلال إطلاق مشاريع متعددة. ومع ذلك، فإن الفضاء مزدحم بستين فاعلاً مختلفاً، بما في ذلك الشركات المطورة التجارية لعلم الفضاء. لذا فإن بناء الجسور بين مختلف هذه الدول والشركات المتخصصة في علم الفضاء هو أحد المكونات الرئيسية للتقدم وذلك للانضمام للقوى المعروفة في مجال الفضاء عالمياً على مدى سنوات عدة. وهنا نذكر فرصتين يتوجب الخوض فيهما خلال الفترة المقبلة:

يقع التعاون الدولي في قلب عصر الفضاء الحديث، أحد الأمثلة الرئيسية هو قانون الملاحة الجوية والفضاء الوطني الذي أنشأ وكالة ناسا في عام 1958 في محاولة للربط بين المجتمع الدولي، وقد أثبت نجاحه لأنه قائم وجزء من سياسة الفضاء حتى يومنا هذا. يتضمن أكثر من 3000 اتفاقية مع أكثر من 100 دولة. نصف هذه الاتفاقيات مع الشركاء الرئيسيين التاليين، وهم فرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا وروسيا. من المخرجات الرئيسية لهذا التعاون هو محطات الفضاء الدولية، وقد تم تصنيفه كثاني أكبر استثمار سلمي على الإطلاق في التعاون الدولي. ونذكر أيضاً بعض المشاريع المستقبلية مثل «مختبر علوم المريخ» و«جو المريخ والتطور المتغير».

«دبلوماسية الفضاء» يعتبر مفهوماً جديداً مرتبطاً بالتعاون الدولي في مجال الفضاء، حيث يوحد الجهود المتعددة الأطراف والموارد معاً من أجل تحقيق هدف أكبر للبقاء في المقدمة. بالإضافة إلى توفير فرص جديدة لبناء تعاون أفضل بين العلماء والدبلوماسيين تحت مظلة الدبلوماسية العلمية. ولا يمكننا أن نغض البصر عن أهم المحاور لدبلوماسية الفضاء وذلك في الوصول إلى تعاون دولي ووضع الأسس لحماية الفضاء من أي أغراض مغايرة للسلام مثل التسلح في الفضاء، حيث إن ما يحدث في الأرض من نزاعات بإمكانه الانتقال إلى الفضاء وهنا تقع المسؤولية على عاتق الدول القيادية في مجال الفضاء ليس فقط في استكشافه ولكن أيضاً في حمايته.

اليوم، الإمارات العربية المتحدة تصنف ضمن خمس دول رئيسية تطلق مشاريع فضائية، ويتزامن هذا الإطلاق مع الاحتفال بيوبيلها الذهبي، وهذه هي مجرد البداية.

* باحثة وكاتبة إماراتية في مجال العلاقات الدولية