يبحث الجميع عن السعادة، الغني والفقير، الكبير والصغير وكل المجتمع، وحينما أدرك الإنسان أن السعادة شعور قد يحصل عليه بطرائق متعددة، أخذ يبحث عن كل الوسائل والطرائق التي بإمكانها أن تمنحه هذا الشعور، وهذا الأمر هو الذي دفع علماء الأحياء والمختصين في كيفية عمل جسم الإنسان إلى دراسة السعادة من كثب في مختبراتهم العلمية، وكانت الإجابة العلمية عن هذا السؤال: هي هرمون الدوبامين، أو ما يدعى بهرمون السعادة، فحينما يتم إنتاج أو تحفيز هذا الهرمون في الجسم يشعر الإنسان بالسعادة، وهذا يعني أن وجودنا بالقرب من الأشخاص الذين نحبهم يحفز هرمون الدوبامين، وعودتنا إلى الوطن من بعد غياب طويل تحفز الدوبامين أيضاً، وقس على ذلك مما يجعلنا سعداء.

من أكبر أسباب السعادة أن يجد الإنسان هدفاً في حياته، وهذا الأمر الذي توصلت إليه الدراسات الأخيرة التي أجراها العلماء في البداية على الفئران التي تكمن سعادتها في حصولها على الطعام، إذ يرتفع هرمون الدوبامين لديها عند حصولها على الطعام، ولكن المفاجأة كانت حينما اكتشفوا أن هرمون الدوبامين يكون أكثر ارتفاعاً في أجسامها في حالة سعيها أو اقترابها من وصولها إلى هدفها وهو الطعام، وبعد إجراء بعض التجارب على البشر توصلوا إلى النتيجة ذاتها، وهي أن الإنسان يكون أكثر سعادة في مرحلة السعي للوصول إلى أهدافه، والعجيب أنه يكون في هذه المرحلة أكثر شعوراً بالسعادة من سعادته عند وصوله إلى الهدف، ولذلك تجد الكثير من رواد التنمية البشرية يقولون إنه لا بد من أن يكون لك أكثر من هدف، وإنه يجب أن تكون لك أهداف يومية وأخرى أسبوعية وغيرها أطول أمداً من ذلك، وهذا يذكرنا بالأهداف الروحية التي يجدها المسلم في الصلوات الخمس كأهداف يومية، وصلاة الجمعة وصلة الأرحام كأهداف أسبوعية تساعد على تحقيق الاستقرار النفسي والسعادة للإنسان.

للسعادة عناوين كثيرة والسعي نحو تحقيق الأهداف واحد من أهم عناوين السعادة، وعلى الإنسان أن يسعى للبحث عن الشغف الذي يجعله سعيداً في حياته، ويجعل لحياته معنى، هذا الشغف الذي دفع العلماء والمبدعين والموهوبين إلى الإنجاز في شتى المجالات، فقط علينا أن نبحث عن ذلك الشغف الذي يضمن لنا السعادة الداخلية ويدفعنا إلى الإنجاز، ويجعلنا عناصر فاعلة في المجتمع.