أصبح عالم الأعمال والمنظومات يؤمن بأن الثقافة المؤسسية هي مفتاح النجاح في العمل، فمتى استطاعت المؤسسة بناء ثقافة مستدامة، زاد ذلك من فاعليتها. ولهذا يتزايد الاهتمام بأسس البناء الثقافي التي تتمثل في محاور معنوية مثل الاتصال الفعال، والحوار الإيجابي بين المستويات التشغيلية والموظفين والإدارة، وتوفير بيئة عمل تشجع على التعلم المستمر والابتكار، وتعزيز روح الفريق.

المتتبع لثقافة التخطيط المؤسسي في السرد الاستراتيجي للمؤسس، يجدها تتكيف حسب الوظائف الإدارية، من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة. لكنّنا سنهتم بشكل خاص بسرد ثقافة التخطيط بممارسات المؤسس زايد، حيث وجدنا أن ممارساته تعكس مفهوماً إدارياً يتغنى به رواد الأعمال في العقدين الأخيرين، ألا وهو مفهوم «الأجايل» نمط التفكير الذي نشأ ليحسن الأنماط التقليدية لتطوير مشاريع البرمجيات التي كانت تعاني من مشكلات الفشل المتكرر، ثم توسع ليصبح توجهاً جديداً إدارياً عالمياً نظراً لفاعليته.  

والباحث في ممارسات الشيخ زايد يكتشف أنه استبق تسخير مضمون الأجايل في ثقافة التخطيط، ويتجلى ذلك في العديد من ممارساته والتي نستعرض منها مثلاً: البشر عُرضة للخطأ والصواب، والدولة تشبه الطفل الذي ينمو، والتخطيط لها يتم على أساس مرحلي، وأيضاً: إن الإنسان وهو يعمل تظهر له أشياء لم تكن موجودة وقت التخطيط. فهنا نجد مبدأ الأجايل الذي ينص على تسليم مُنتجات صالحة للاستعمال على فترات منتظمة، حيث يعلمنا زايد أن عملية تنفيذ المشاريع يجب تجزئتها إلى مراحل، وينبغي أن يتم الاتصال بين صاحب المشروع والمنفذ عند نهاية كل مرحلة، حتى يتم ضمان التوافق والتواصل الفعال بينهما للمضي قدماً في المشروع، بعد تحقيق المستهدفات التي تم تحديدها في دفتر التحملات. لأنه كما قال الشيخ زايد: التقديرات النهائية تكون أحياناً غير سليمة. ويدعو كذلك للوقوف اليومي على الأعمال بقوله: «إن عليكم في وزارة الصناعة مهام كبيرة، عليكم بالدراسة المستمرة وإعداد البحوث وبحث الواجبات. ويجب أن تدرسوا كل شيء وما سيقام اليوم، وما الذي يقام غدا أو بعد غد». وهذا ما يتبناه حالياً مفهوم الأجايل الذي ينص على أن فريق العمل يجب أن يراجع حسب فترات منتظمة كيف يصبح أكثر فاعلية، ثم يدقق ويضبط سلوكه وفقاً لذلك. ثم لدينا أيضاً مبدأ الأجايل الذي ينص على أن الهدف هو إرضاء مستلم المنتج وليس صناعة المنتج، ونجده مترجماً في مخاطبة زايد لأطر جهاز الصحة موجهاً سلوكهم بالقول: «إن العلاج ليس هو الدواء فقط، العلاج هو التمريض بالدرجة الأولى، والتمريض يعني السلوك الطيب، وراحة المريض والابتسامة الحلوة والمعاملة الكريمة». كما أن مبدأ الأجايل الذي ينص على أن أكثر الطرق فاعلية وتأثيراً لإيصال المعلومات إلى فريق العمل هي التخاطب وجهاً لوجه، نلمسه في ممارسة زايد حيث قال: «لقد جئت لأتعرف بكم عن كثب، والحق أنني كنت طوال الفترة الماضية أتابع مسيرتكم الدراسية يوماً بيوم، وكنت أشعر بالفخر كلما سمعت الكثير عن مدى مثابرتكم وإقبالكم الشديد على تحصيل الدروس».

وأخيراً نوصي للمهتمين والمختصين في الـ 4 قيم والـ 12 مبدأ المدرجة في إعلان الأجايل ومقارنتها مع السرد الاستراتيجي للمؤسس، وسيجد نفسه تلقائياً في إدارة مشروعاته يقول: «أنا أطبق نموذج زايد الاستراتيجي، بدلاً من قول أنا أسخر مفهوم عقلية الأجايل».