أصبح جلياً في مجال إدارة الأعمال المعاصرة أن الفكرة الجيدة للمشروع تفوق رأس المال المادي في أهميتها في كثير من الحالات. وتتناقض هذه النظرة مع الاعتقادات التقليدية السائدة، إذ على الرغم من أن رأس المال المشروع يؤدي دوراً حاسماً في البدء والتشغيل، إلا أن الفكرة الجيدة هي التي تشكل أساس النجاح والاستمرارية على المدى البعيد، فالشركات الناجحة في العالم اليوم بدأت بفكرة قوية وابتكارية، وركزت على الإبداع في بداياتها بدلاً من الاعتماد الكبير على رأس المال.

مفهوم 

الفكرة الجيدة تحمل في طياتها القوة الحقيقية لتحقيق التميز والتفوق في عالم الأعمال وقيادة الشعوب، وهذا ما يسهم في استمرار نجاح الشركات والدول على المدى الطويل، وهذا ما نجده في مفهوم الشيخ زايد، طيب الله ثراه، للثروة ورأس المال لتحقيق التقدم والنجاح المستدام، فلما كانت الثروة في الدولة في شكل موارد طبيعية ورأس المال يمثل الاستثمارات والممتلكات والموارد المالية، فقد استخدم الشيخ زايد الثروة الطبيعية لجلب الاستثمارات وبناء البنية التحتية وتعزيز القطاعات الاقتصادية الأخرى، وسخر أفكاراً إبداعية لاستثمار الموارد وتحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي، وكانت هذه الأفكار تعكس على أرض الواقع حكمة معاني أقواله، كما نجد في قوله: «إن تقدم أي أمة لا ينحصر في المشاريع العمرانية، بل ببناء الإناء الذي يحمي هذه المشاريع ويطورها».

تأسيس 

قام الشيخ زايد بتوجيه جزء كبير من الثروة النفطية نحو بناء البنية التحتية، والتعليم، والصحة، وتوفير فرص عمل وتحسين المعيشة للمواطنين، كما أسس مؤسسات استثمارية وصناديق تنمية للاستفادة من الثروة وتوجيهها نحو التنمية المستدامة وتحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويوضح ذلك قائلاً: «في الماضي لم تكن في البلاد خدمات صحية ولا ثقافة ولا مساكن، والكثير يعرفون ذلك، والأفلام التسجيلية القديمة تؤكد ذلك، أما اليوم فإن الوطن أصبح مزدهراً، والعلم والثقافة متاحة للجميع في الحاضر والمستقبل، والذي كان يسكن تحت سقف النخيل أصبح اليوم يعيش في مسكن صحي. وإذا كان هناك نقص في بعض الجوانب للمواطنين فنحن نكمله، وإذا كان هناك الآن المواطن الذي يعيش بستر الحال، فبعون الله سيصل إلى المعيشة الراقية، وهي آتية له في الطريق مثلما جاءت لأخيه».

قيم 

عند الشيخ زايد، لم يكن الثراء محصوراً فقط في الثروة المالية والاقتصادية، بل كان يؤمن أيضاً بأن الثروة الحقيقية تكمن في القيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية، وكان يسعى للحفاظ على التراث الثقافي والاجتماعي وتعزيز دور المرأة بالإمارات وتطويره، ويشرح ذلك في قوله: «إن التنمية لا تكتمل بالنواحي الاقتصادية وحدها، بل تتطلب الاهتمام بالتنمية الاجتماعية للنهوض بكل فئات المجتمع، وخاصة المرأة، لما لها من دور أساسي في تقدم الأسرة والمجتمع بشكل عام».
إضافة إلى ذلك، كان الشيخ زايد يولي اهتماماً كبيراً بتحقيق التطور وحماية البيئة، فقد قاد جهوداً رامية نحو تنمية مستدامة للبلاد وتنظيم مشاريع بيئية مبتكرة للمحافظة على الموارد الطبيعية والتراث البيئي للمنطقة. 
ونجده يقول: «لقد حققنا تقدماً كبيراً في كل المجالات، وخاصة في قطاع الزراعة، وما زلنا طامعين في الأكثر؛ لأن الزراعة هي الأول وهي الآخر، والإنسان لا يستغني عن النبات، وكذلك الحيوان الذي يرعى من الأرض وينمو ليستفيد الإنسان من لحمه ولبنه، إذن فالأصل هو الأرض والنبات للإنسان والحيوان».

أفكار نيرة 

سخّر الشيخ زايد أفكاراً نيرة لتحديد الاتجاه وجذب الاستثمار والشركاء والتفوق على المنافسين، وضمان استمرارية النمو، لبناء مستقبل مستدام ومزدهر للأجيال القادمة، ودعمها بقدر كافٍ من رأس المال لضمان نجاح المشاريع وتمويل الأنشطة الأساسية وتأمين متطلبات العملية التشغيلية. وهكذا جعل الثروة وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة ورفاهية الشعب وحماية التراث الثقافي والبيئي في الدولة.