شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عقود نهضة ملحوظة في مجال الفنون التشكيلية. حيث برز عدد من الفنانين الذين أسهموا في تأسيس هذا المشهد وبنائه ليعكس الهوية الثقافية للدولة، وينفتح في الوقت ذاته على الحداثة العالمية.
من أبرز هؤلاء الفنانين: عبد القادر الريس، الذي يُعد من رواد الحركة التشكيلية في الدولة. حيث تميز بأسلوبه الذي يمزج بين الأشكال الهندسية والخط العربي، ما منح أعماله طابعاً بصرياً فريداً. وتأتي الدكتورة نجاة مكي ضمن أوائل الفنانات الإماراتيات، وقد تنوعت أعمالها بين الواقعية والتجريدية مستلهمة البيئة المحلية والتراث الشعبي.
كما برزت ميسون آل صالح بأسلوبها السريالي المعاصر، إذ إنها توظف الرموز البصرية بجرأة. بينما تقدم العنود العبيدلي أعمالاً تركيبية وكولاجات تستثمر المواد المعاد تدويرها بأساليب غير تقليدية. وبرزت أيضاً، نور السويدي كفنانة وقيّمة فنية تهتم بتوثيق وعرض الأعمال الإماراتية المعاصرة.
ولعل من الأسماء المتميزة أيضاً عبدالله صقر المري «الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى مؤخراً»، حيث كان من أوائل النحاتين في الدولة. إلى جانب كونه رائداً في كتابة القصة القصيرة، وذا حضور رياضي ملحوظ كلاعب ومدرب كرة قدم. ما جعله شخصية ثقافية متعددة المواهب. وأما عبدالرحيم سالم، فله حضور دولي في المعارض والملتقيات. وقد نال جوائز عالمية بفضل أعماله التي تمزج بين الرمزية والغموض بتقنيات عالية.
ولا يمكن الحديث عن المشهد التشكيلي دون ذكر الفنان عبدالرحمن زينل، أحد الأوائل الذين أسهموا في ترسيخ الفن الحديث في الدولة. وكان أول معرض شخصي له خلال فترة دراسته الثانوية في مدرسة دبي الثانوية سنة 1972. وشارك أيضاً في نفس العام في أول معرض فني جماعي في الإمارات في المكتبة العامة بدبي. حيث شارك إلى جانبه الفنانون (فاطمة لوتاه، إبراهيم مصطفى، درية عباس وجاسم حمد). أما الفنان محمد الأستاذ، فقد عُرف بأسلوبه التجريدي الفريد وتوظيفه الخط العربي بذكاء بصري. كما يُعد محمد أحمد إبراهيم من أبرز الفنانين المعاصرين ومثل الإمارات في بينالي فينيسيا، حيث حازت أعماله على تقدير عالمي.
وكذلك هناك قامات فنية كبيرة مثل المرحوم الفنان حسن الشريف وشقيقه حسين الشريف والدكتور محمد يوسف ومحمد القصاب.
ورغم هذا الحضور اللافت، يواجه الفن التشكيلي الإماراتي تحديات مستمرة، منها قلة المساحات المناسبة للعرض، إضافة إلى الحاجة لتحقيق توازن بين الحداثة والأصالة في مضمون الأعمال.
وتسعى المؤسسات الثقافية إلى دعم هذا القطاع عبر تنظيم فعاليات مثل آرت دبي وبينالي الشارقة وبينالي أبوظبي للفن العام، وتقديم منح وبرامج تدريبية أبرزها «برنامج الفنان المقيم»، إضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية الفن التشكيلي من خلال المناهج التعليمية وورش العمل.
بهذه الجهود يواصل الفن الإماراتي نموه متجذراً في تراثه ومتطلعاً نحو آفاق عالمية أكثر اتساعاً.