أصبحت عبارة" جميع الحقوق محفوظة" تثير الضحك حقا في عالم النشر العربي ولكنها ما زالت تحتفظ ببريقها في عالم النشر الغربي لأن الملكية الفكرية عندهم مقدسة، فيما معظم الناشرين العرب أفقدوها معناها لأن معظمهم ليس بناشر بل تحوّل إلى بقال أو تاجر صغير ما دام ينظر إلى الكتاب كسلعة لا غير.
الناشرون يستولون على حقوق الكاتب العربي والكاتب الغربي أيضاً، والأدهى من ذلك يعتبرونه أمراً طبيعياً، فقد أخبرني ذات مرة الصديق الطاهر بن جلون أن ناشراً سورياً استولى على نشر جميع كتبه المترجمة إلى اللغة العربية بدون أية حقوق، وعندما اتصل به معاتباً، أجابه :" أتعاتبني وأنا أطلق شهرتك في العالم العربي"؟ أما الصديق الآخر الكاتب الفرنسي الراحل ألن روب غرييه فقد تسلم من ناشر عربي ثلاث نسخ من روايته "جن" المترجمة إلى العربية كبدل لحقوق النشر، فضحك الكاتب وقال لي حينها" بماذا يعيش الكتّاب عندكم"؟
بينما يستطيع الكاتب الغربي أن يشتري منزلاً بروايته الأولى لو نجحت كما هو الحال مع الكاتب الفرنسي أيان غيلفيك صاحب رواية "العرس الدامي".. الكتّاب والأدباء العرب يقدمون أعمالاً لا تقل أهمية عن أعمال الكتّاب الغربيين، فالخلل ليس في إبداعهم بل في الناشر والقارئ.
شراء حقوق النشر من الناشر الأوروبي ليس مكلفاً لأنه يعرف بأن العالم لا ينشر من الكتاب سوى ألف نسخة أو أقصى حد ثلاثة آلاف نسخة لأكثر من 300 مليون نسمة في العالم العربي، دوامة اسمها النشر العربي.