يتألق كتاب "ومضات من فكر" لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الصادر حديثاً بفكرة التفاؤل في خلق عالم أفضل، وتزويد الإنسان بطاقة إيجابية، من دونها لا يمكن العمل والإبداع. كتاب ينبع من تجربة قيادية رائدة، تجسد الإنجازات عبر معان رمزية، وليست مادية فقط. ويتحوّل برج خليفة إلى رسالة إلى العالم، وبرهاناً لوجود أمة قادرة على الإبداع، كما كان العالم القديم يفتخر ببرج بابل،.
وهذا لا يتأتى من فراغ، فنحن أبناء حضارة سطعت على الغرب قروناً، وامتدت إلى أرجاء الدنيا. لا أريد هنا أن أستعرض الومضات الفكرية التي أنجزت عجائب دبي: الحكومة الإلكترونية، جبل علي، برج خليفة، النخلة، طيران الإمارات، وغيرها من الإنجارات الاقتصادية الهائلة التي يسرد سموه كيف ولدت وأصبحت واقعاً، ليس بالقوة بل بالإرادة، وأصبحت معالم معروفة يعترف بها العالم أجمع.
صحيح أن كتاب "ومضات من فكر" عن التميز الحكومي وما يمكن أن تلعبه الحكومة في المجتمع، وغيرها من الومضات النابعة من تجربة قيادية فذة ورائدة في عالمنا العربي، إلا إنه يتميز بالرؤية الشعرية للحياة ولأسلوب الحياة في المدينة الحديثة. وليس ذلك بغريب على شاعر يسبر أغوار الروح، وينير أعماقها بكلماته.
فما يراه سموه لا نراه نحن البشر العاديين، فهو ابن الصحراء والبحر، جمع النظرة المتأملة، والصبر والحنكة والجرأة والريادة. تتجسد في الكتاب جماليات مدينة دبي، وبنائها المعماري بأبهى صورها من خلال الشواهد التي يسوقها سموه من الأمثال والحكم والمعاني التي ينهلها سموه من كنوز تاريخنا العربي الإسلامي. وتنقلنا أمواج الشعر في بحر هذا الكتاب إلى شواطئ الحياة، حيث تتجلى العبقرية في أجمل صورها: ي
قظة الشعر، رؤية الحياة، حكمة الكلمات، صنعة المهارة، وحنكة القيادة، تذكرنا بكبار الحكماء عبر عصور التاريخ، أولئك الذين ولدوا على هذه الأرض وتركوا بصماتهم على البشرية. نحن نتذكر هارون الرشيد عندما وقف على مشارف بغداد لكي يشيد فيها عاصمته، طلب من جنوده أن يحفروا الخنادق حول بغداد المدوّرة لكي يرى جمالياتها في الليل، فبانت له المدينة كما تخيلها في رؤيته. وإطلالة سموه على الصحراء والبحر لا تقل نضارة، إذ جعل من الشعر والفروسية والقيادة ساحة لإشعاع عبقريته التي تنير الطريق لأجيال المستقبل.