إن رفض شخص ما إجراء لقاء تلفزيوني، إذاعي، أو عبر البودكاست. يفسّره المذيع بأن الشخص لديه رهاب الميكروفون، وتجنباً للحرج، لجأ الضيف إلى الطريقة الأسهل. الاعتذار. لكن المذيع الفطن والأكثر ذكاءً، عليه البحث عن أعذار أخرى لضيفه، قبل أن يستقر على فرضية: الخوف من الميكروفون.
فهو لم يخطر بباله أن الرفض سببه كان هو نفسه، فالشخصية تراءى لها أن المحاور ضعيف، وليس مختصاً، وأن ثقافته محدودة، بحيث لا يستطيع الإلمام باختصاص الشخصية المستضافة، ومنتجها الذهني، ومكانتها العلمية أو الثقافية. كما أن المذيع لم يوحِ للشخصية في حديثه أو مكالمته، بأنه قرأ الكثير عنها وعلِم بأهميتها، قبل أن يقرر دعوتها لمناقشة قضية مهمة.
على أن ليس المقصود هنا المقارنة بين مذيعي اليوم ومذيعي الأمس، فلكل مرحلة زمنية مذيعوها وإعلاميوها. ما نشهده اليوم يختلف عمّا كان بالأمس كلية، ليس فقط من حيث الظروف والمعطيات والأدوات، بل حتى الفئات المجتمعية المستهدفة إعلامياً، فاليوم، هي ليست نفسها بالأمس، كما قد يعتقد البعض. تغيّر فيها الكثير، بفعل عوامل عديدة، في إطار عملية التأثر والتأثير التي لا مناص منها.
الحوارات غير المتكافئة بين المحاور والضيف، غالباً ما تكون خالية من الروح، فحينما يستخدم المحاور ورقة يقرأ فيها ما يريد مناقشته مع الضيف. تلك علامة لا تبشر بخير. أو أن يقرأ للضيف فقرات من كتاباته، ثم يطلب منه شرحها مجدداً، أو التعليق عليها، تأكيداً للمؤكد من عدمه. تلك أيضاً علامة غير مشجعة للمضي قدماً في الحوار.
قوة المحاور مصدرها حمله لهموم الناس، يريد طرحها على ضيفه لمناقشتها معه، بغية إيجاد حلول لها. أما المحاور المثقف، فبإمكانه رفع الضيف إلى المكانة التي يستحقها، أو يهبط به إلى أسفل، وهو الذي يستثير الضيف، يحثه على الكلام الأعمق من المتوقع، وبطريقة تفكير جديدة. المحاور الذكي، يضمن نصف نجاح الحلقة الحوارية سلفاً.