ما الحاجات الأساسية للإنسان في أي دولة من دول العالم؟ سؤال في ظاهره يبدو كبيراً، لذلك، الإجابة عنه تحتاج إلى بحوث، واستطلاعات رأي، وإحصائيات. وهذا لا يمكن لشخص بمفرده القيام به، تحتاج العملية إلى فريق، لمؤسسة تعمل كخلية نحل، ولفترة طويلة. سؤال كهذا يظل جديراً بالطرح في أي وقت، وقد سبق أن طُرح في أكثر من بحث ودراسة على مستوى العالم، وشكلت نتائجه عندئذ خارطة طريق. والسؤال لا يتضمن هنا ما الذي يحلم به الإنسان؛ فالأحلام فردية وتختلف من شخص لآخر، ولها علاقة بالوعي والثقافة ومعطيات أخرى.
تلمساً للإجابة عن سؤالنا المطروح، نقول: إن الإنسان يحتاج إلى الأمن أولاً ليستقر، الأمن الشخصي، الأمن الاقتصادي، الأمن الصحي، والأمن الاجتماعي. ويحتاج إلى الصحة والرفاهية، تلك الرغبة بحياة خالية من الأمراض، في ظل رعاية صحية جيدة. ثم تأتي الحاجة للتعليم، الحصول على فرص تعليم جيدة له ولأطفاله. ثم يأتي العمل والرزق، الحصول على وظيفة مناسبة توفر دخلاً كريماً. ثم تأتي الحرية، ونعني بها الحرية الشخصية، وحرية المعتقد. ونضيف: العدالة الاجتماعية، وهي عدالة في الفرص، وعدم التمييز، ويحتاج إلى الشعور بالانتماء؛ فالفرد لا بد له من شعور قوي بالانتماء إلى العائلة والمجتمع والوطن.
إن هذه الوصفة لاحتياجات الإنسان الأساسية، التي نقرؤها في كافة المؤشرات الرئيسية لحكومات العالم، لكن توفرها الكامل يكاد ينعدم، ويصعب لمسه بشكل فعليّ في الواقع المعيش للناس، إلّا في دول الخليج العربية ومجتمعاتها.
أما في المقلب الآخر من العالم، فصورته مؤلمة مرعبة، 10% من سكان العالم يعيش في فقر مدقع، 1.90 دولار في اليوم. عدد الجائعين 690 مليون نسمة، أي 9% من سكان الأرض، مليارات الأشخاص لا يصلون لمياه الشرب النظيفة، ملايين الأطفال خارج المدارس في الأرياف، يعاني الملايين من الاكتئاب والاضطرابات النفسية، يجلب لهم التلوث الأمراض، ويتسبب بوفيات مبكرة في المناطق الحضرية.