كنت في زيارة للمنطقة الحرة في جبل علي، برفقة عدد من زملاء العمل لغرض إنجاز مهمة ما. وفي خضم الحديث، قال لي أحدهم، وهو بالمناسبة من الأرجنتين:

«وددت لو كنت حاضراً عندما أمر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، في سبعينات القرن الماضي ببناء ميناء في هذه المنطقة لكي أرى ردة فعل من كان حوله، وكيف تحولت تلك الرؤية إلى واقع. ويشار إليه بالبنان اليوم».

ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تتقاطع فيها الرؤية بالطموح اللامحدود، وتتحول البذرة إلى بساتين، ففي العام 2007 قررت شركة مبادلة في أبوظبي الدخول إلى عالم صناعة الطيران، وأحد القطاعات التي اختارتها كان قطاع الصيانة والإصلاح والعمرة.

فتأسست شركة سند، وبكثير من العمل الدؤوب أصبحت سند اليوم أكبر مزود لخدمات الصيانة والإصلاح والعمرة في المنطقة، حيث توفر هذه الخدمات لأكثر من 30 شركة طيران حول العالم.

إن الرؤية الطموحة قد لا تتوافق مع وجهات نظر ذلك الواقع حين تم اتخاذ القرار، لكن استشراف المستقبل والإبحار بالمشروع ثم تحديد الوجهة وضبط بوصلة العمل مع فريق يتحدى الصعاب، والتنفيذ والتوفيق، كل ذلك حتماً يحدث الفارق الكبير.

ويقول أحد الفلاسفة إن «رغبتنا في أن نؤمِّن مستقبلنا، هي التي تجعلنا نعاني الإحباط والتوتر في حياتنا اليومية». في المقابل يركّز كبار المستثمرين وعدد من المفكرين الاقتصاديين - إن جاز التعبير – على ثلاث قدرات تؤهل صاحبها لأن يحجز لنفسه شيئاً من المستقبل، وهي:

التفكير الإبداعي - النقدي، والقدرة على حل المشكلات، والتواصل الفعال.. ويجب أن تذكر دائماً أن أشجار الأمازون العملاقة لا تنمو داخل الصندوق، لذا فكر بعيداً جداً.

والنجاح من وجهة نظر المفكرين حق مكتسب، والمجتهد قادر على بلوغ مواقع ريادية في المستقبل استناداً إلى القدرة على اكتساب مهارات جديدة، وتغيير بعض العادات، والمثابرة في التعلم المستمر.

لذا عليك أن تبدأ من عقلك وتفكر بعمق وبكل اتجاه، كي تصبح ذا «كاريزما» لامعة ولديك سمات شخصية ملهمة ومهارات فعّالة قادرة على المنافسة على المستقبل.

إن شعرة رفيعة تفصل بين حقيقتين لا تتعارضان أبداً، هما: «ما نريده في الحاضر» و«ما نريده للمستقبل»، وكلاهما حق مشروع وقابل للتحقيق.
عزيزي الطموح؛ إذا أردت لنفسك شيئاً أفضل في المستقبل، أو رأيت نفسك في موقع مرموق بالمستقبل.

فعليك قبل تفسير هذه الرؤية أن تستأنف حاضرك بالتركيز على الواقع: على شخصك، ويومك، وساعتك، وكل دقيقة في حياتك. والحاضر هو ما ستُسأل عنه، وهو ما يَخصُّك ويُخلِّصك فعلاً، وهو ما سيكون أساساً لمستقبلك المزدهر، لذا أجبر نفسك على أن تستغرق دائماً وقتاً أطول في الحاضر لتصنع الفرق في المستقبل.

* المدير التنفيذي لوحدة المجمعات الاستراتيجية - قطاع الاستثمار في الإمارات - شركة مبادلة للاستثمار